الجمعة، 28 ديسمبر 2012

طائر الفينيق


عدد تفاصيل وصيغ أسطورة طائر الفينيق، إلا أن الثابت منها هو أنه لَم يكن في العالم سوى طائر فينيقٍ واحد، وكان يسكن الْجنة، وهي أرض جمال لا توصف، وهي الرابضة خلف الأُفُق البعيد الذي منه تشرق الشمس بهدوء. بعد ألف سنة، أصبح الطائر يرزح تَحت وطأة عمره الطويل، وقد دانت ساعة موته. ولأن في العالَم الأرضي موتاً على عكس الجنة التي أكتسب منها المقدرات السماوية والحكمة، شقّ طريقه إلى الأرض، فقطع البحار والجبال والسهول، حتى استوقفته رائحة اللبان والبخور الصنوبري المنبعثة من جبال لبنان، فبنا عشَّه على أعلى شجرة أرز من اللبان والمر والعنبر.

وعند الصباح، عندما لاحت خيوط الشمس، شاهد شروقا لم يبصر له نظيرًا في جماله خلال جميع أسفاره، فبدأ ينشد الأغاني السماوية بصوته العذب الملائكي. وعندما سمعه إله الشمس، خرج إليه وهو على عربته التي تجرها أربعة أحصنة نارية ليشكره، وأراد أيضًا، عند طلبه، أن يريه آلام الناس وعذاباتهم. نقل إله الشمس لطائر الفينيق صورة حية وحسية عن الحياة الأرضية. بدأ الطائر الألفي في الصراخ من الغضب والألم لما أحس به من عذاب وظلم بين الشعوب، وبدأ يضرب بجناحيه داخل العش. أجفلت الأحصنة، وضربت بحوافرها الأرض بقوة، فطارت شرارات نارية إلى العش كانت كافية لإحراق الفينيق في داخله. لم يغادر طائر الفينيق عشه، فاحترق باختياره، مشاركا الشعب في آلامه وعذاباته، وتحوَل إلى رماد. لكن لم تكن هذه نهاية الفينيق، بل البداية. خرجت بيضة من تحت الرماد وفي اليوم الأول كبرت وفي الثاني خرج منها جناحان، وفي اليوم الثالث عاد الفينيق حيا. حمل الطائر عشَّه البخوري، وطار به إلى مدينة الشمس بعل-بت (بعلبك)، وقدَمه على مذبح الإله ليضعه قرباناً في معبد الشمس، بانتظار أن يأتي زمن موته الجديد، فيحترق ليولَد من رماده طائر فينيقٍ جديد.ِ


الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012

اللذة والألم

اللذة والألم
يقول الاستاذ ترنر فى تاريخ الفلسفة
أن مبدأ الذة ينحصر فى ان اللذة وحدها هى العنصر الذى يكون سعادة الانسان ، وان كل ما يظهر انه حق ، يجب ان نعتقد بانه حق ، واننا لا نستطيع ان ندرك المشاعر والاثار التى تولدها الاشياء فينا ، اما الاشياء ذاتها لا نعرف منها شيئا . والنتائج التى تترتب على ذلك بسيطه
، فان استحداث مشاعر بعينها ، هو كل مافى مقدورنا ان ننتج به العمل ، وعلى هذا فى يترتب القول بان كل ما يحدث فينا اسمى المشاعر الملذة يكون خير .

وهنا يحق لنا ان نتسائل : هل المشاعر الملذة واحده عند كل الناس وفى كل الظروف ؟
ومن هنا يكون تطبيق هذه النظريةراجعا الى الاستعدادالطبيعى الذى يختص به كل فرد ، او حكم العادة المؤصلة التى يعكف عليها الانسان . وبهذا يكون ادراك السعادة نسبيا صرف
لهذا يعتقد ان اللذة المطلقة هى الخير الاوحد .
واننا نرغب فى المعرفة والثقافة وحتى الفضيلة بعتبارها وسائط " لا غايات " نصل من طريقها الى اللذة ، اما فائدة الفضيلة فتنحصر انها تقمعنا عن الافرط فى الانفعال الذى هو الشهوة
ولما كانت الشهوة عنيفة كيفما كانت فهى اذا مؤلمة ، وعلى هذا يجب ان نتجنبها .

الأحد، 23 ديسمبر 2012

زكرى عيد النصر 23 ديسمبر




في هذا اليوم عادت جميع القطع البحرية الأنجليزية إلى قاعدتها في قبرص ومالطا ، كذا بالنسبة للاسطول الفرنسى الذى عاد قاعدتها بمرسيليا وتولوز ... وفي الخامسة الا ربع فيِ ذلك اليوم غادرت أخر سفينة بريطانية حاملة جنود فرقة يورك شير وبذلك قد تم جلاء أخر جندى عن أرض مصر بغير رجعة .... وقد أعتبر هذا اليوم عيدا قوميا أطلق عليه " عيد النصر " بعد 48 يوم من غزو فاشل .

السبت، 8 ديسمبر 2012

الخلافة العثمانية ....

  تعريف الخلافة  هى " رئاسة عامة للمسلمين فى كل الدنيا "
والقانون العثمانى لخلافة المسلمين والتى ذاقت  فيها الدويلات ومنها مصر الامرين نسبت لاسم العثمانيين وهو اسم بشرى وايضا الدولة العباسية - والسلجوقية .. الخ لما تواتر استخدامهم للاسماء البشرية على مدى كل العصور .
كيف بدأت علاقة مصر بالعثمانيين وخلافتهم ؟
كان قنصوة الغورى سلطان مصر فى هذا الوقت  ،وكان يقوم بالواجب العام من رعاية الاماكن المقدسة سواء فى مكة او المدينة او القدس ، وكان يشرف على صناعة كسوة الكعبة وتسفيرها ، ووعلم قنصوة الغورى ان الخليفة العثمانى يحشد حشوده لغزو مصر فوجه رسالة الى السلطان سليم الاول جاء فيها " انك جمعت عساكر وانك عزمت على تسييرها علينا فتعجبت نفسنا غاية العجب لان كلنا والحمد لله من سلاطين اهل الاسلام ، وتحت حكمنا مسلمون موحدون "
فرد السلطان سليم الاول فى كذب سافر " يعلم الله وكفى به شهيد انه لم يخطر ببالنا طمع فى احد سلاطين المسلمين او فى مملكته ، او رغبة فى الحاق الضرر به فالشرع الشريف ينهى عن ذلك "
لكن سليم الاول كان رغم ذلك مصمما على غزو مصر ولم يكن منتظر سوى فتوى تبيح له ذلك .
وجاءت الفتوى على يد كمال باشا زاده قاضى عسكر الاناضول واستند فيها الى الاية الكريمة
" ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر  أن الأرض يرثها عبادى الصالحون " وتمضى الفتوة الى ان الارض هى مصر ، اما العباد الصالحون هم فهم العثمانيون .
ومضى مفتى الاستانة هو ايضا الذى كان يسمى مفتى الانام وشيخ الاسلام فتوى بوجوب غزو مصر   " لان اهلها  قطاع طرق والحرب والقتال ضدهم غزو وجهاد ، والمقتول من جيوش السلطان فى هذه الغزوة شهيد ومجاهد "
وبعد دخول جيوش السلطان سليم الاول مصر بدأ اول جرائمه بشنق طومان باى وعلقه على باب زويلة ، ولم يغفرها له المصرين ويظلون حتى الان يطلقون هلية بوابة المتولى " وهو احد اسماء طومان باى ولم يزالوا يقرأون الفاتحة كلما مروا بالبوابة .

تقرير الجزيره ((ملخص مظاهرات مصر يوم الغضب 25يناير))

تقرير الجزيره ((ملخص مظاهرات مصر يوم الغضب 25يناير))

تقرير الجزيره ((ملخص مظاهرات مصر يوم الغضب 25يناير))

الاثنين، 3 ديسمبر 2012

أحزان نوح .. شوقى عبد الحكيم




رواية مصرية طويلة
لشوقى عبد الحكيم
الرواية مسلت كمسلسل تلفزيوني بطولة عبد الله غيث وإخراج براهيم الصحن

مازلنا نتعرف على الكاتب والباحث والروائى والمسرحى شوقى عبد الحكيم
وفى هذه الحلقة نتعرض لعالم شوقى عبد الحكيم الروائى من خلال رواية أحزان نوح التى كتبت فى مطلع الستينات .
 وأحداثهاالتى  تقع فى القرية المصرية بكل ماتعنيه الكلمة ، رواية واقعية تطلعنا عن هموم الفلاحين وحياتهم وفقرهم واهتماتهم وعالمهم الخصب
الأحداث تدور كلها فى القرية المصرية ، وبطلها " نوح " احد وجهاء القرية يملك عشرة فدادين أو أكثر صنعهم بشقاه وعصاميته حين لم يترك له اباه غير فدانين
والوحيد الذى يملك بندقية من غير الإقطاعيين الكبار ، كما يملك شخصية شديدة الصلف والعنتزة والاعتزاز بنفسه ، ويستيقظ ذات يوم وهو فى حقله ليحرس قطنه على سرقة
بندفيتة التى تمثل له شرفه ، فيجن جنونه ، وينتابه الشك فى الفلاحين العاملين لديه
فى أرضه ، ثم تتسع دائرة الشك لتلحق  زوحته وكل من حوله ، بينما الحقيقة أن نوح هذا الفلاح قد قرر ان يرشح نفسه فى انتخابات مجلس الشعب ، فقرر الأثرياء وممثلى الاقطاع وأتباعهم ان ينكلوا به ويدمروا سمعته ليتخلصوا منه حسب المسلسل ، حيث انه كان دؤب على منافسة الأكابر والاقطاعيين فى القرية .

" كم هو غريب ، ذلك العالم الواسع ، الذى هو النفس البشرية .
كم هو غريب ، ذلك الذى حدث الى نوح ، فأحاله الى خرقة " نوح " الذى كان زهرة شرق البلد العيون والجباة والرؤس تراقبه ، وتوده .. وتنحنى له وتفسح له الطريق ليمر و بهائمه ورجاله ، نوح الذى تهيم به البنات البنوت ، والنساء .. والذى ما من امرأة على طول الطريق المترب الممتد من من أمام بوابته ، حتى أرضه عند طاحونة بشاى وشارع بين البلدين .. لا تأكله بعيونها .. وراء الشبابيك والأسطح .. والبيبان المفتوحه نصف فتحة "
الرواية تدور احداثها كلها فى القرية المصرية وتدخل الى النفس البشرية المركبة لهذا العالم من الفلاحين والمعدمين والمهمشين الذى يأكلهم الفقر والجوع والعوز .
جبريل ، ومجاور ، وحميده ، وابراهيم العاملين هلى دراعهم وأجريه والذين اتهمهم " نوح " فى سرقة البندقية حيث رأهم ذلك المساءفى ارضه متخفيين ولم يرموا عليه السلام
وذهب معهم الى سيدى  "أبو العصى " فى البر الثانى لينزلوا البير ويبرؤا انفسهم من التهمة ، حيث نتعرف على المدينة التى مروا بها اثناء رحلتهم الى سيدى أبو العصى ، والفرق الشاسع بينها وبين القرية التى تئن بفقرها وجهلها فى ذلك الوقت  وحتى الان.
شخصيات الرواية كلها حقيقية تقف على أرجل من دم ولحم ، ومن الممكن تجدها حتى الآن تعيش بيننا رغم الفوارق الزمنية لكتابة الرواية ، ورغم أننا نحيا القرن الواحد والعشرين ذات عالم الاتصالات المفتوحة والفيس بوك والتكنولوجية الحديثة ، والثورة المصرية التى نحيها
الا ان كثير من الفئات المهمشة من الفلاحين والمرأة المصرية التى تستغل حتى الان بدعمها لقوى الظلام لتحكم مقابل زجاجة الزيت وكيس السكر أمثال " غنيمة " زوجة عبد العليم والذى أكله جمل عبد الهادى تاركا خلفه ابنه " عيد " بن غنيمة العبيط والمستغل من قبل نوح ليعمل فى أرضه مقابل القليل ، والذى من خلاله نتعرف على
عالم الغيبيات والتابو الذى مازال يحكم عقلية الفلاح البسيط ونفسه وسلوكه .
" حيث يصبح للأشياء أرجل تقف عليها .. الليل والنهار ..والناس حين تموت ..والجن..والطواحين والزرع .. كلها أشياء مخيفة تهزم الإنسان وتوقعه ولا يعرف لها أصلا ولا فصلا ".. حارس كنز الست عايشه الذى يطلع على شكل ديك اخضر وليس بجن .. " فعندما تغطى الدنيا بطرحتها السوداء .. وتسكن الحركة ، تجرى العفاريت على طول الملاء "
خرفات تملئ عقل الفلاح وذهنه على طول وعرض حياته .
فعندما يسقط منه شئ سهوا ، عصاه الجريد مثلا فعليه ان يحذر الملائكة ويتأسف
وعندما ينتهى من طعامه ، عليه ان يكوم الفتات فى حجم اللقمة ويركنه بجوار الحائط
.. ولو حدث وعطش فقام للزير الكامن خلف الباب الجريد ، يخاف ان تكون المياه نائمه
فى هذا الوقت المتأخر ، واذا اضطرته الحاجة الى الكذب تعارك مع نفسه .
وإذا انفرد بنفسه ، كان يملؤه الخوف والقتامه ، ويذكر ذلك المارد الكبير الذى سيزوره
يوما ، كما زار أباه وسته .
وفى هذا الصباح كانت مشكلة المشاكل ، سرقة البندقية واحتكام الرجال الى ضريح سيدى أبو العصى الذى يقولون عنه :
" هيا لعبة .. انا شفته زمان .. الشيخ أبو العصى ..ده عنده بير مالوش أرار مليانه جن
.. وناس من تحت الارض ..واللى عامل عمله ما يطلعش ابدا من البير .. يخلص تحت .. ولا يمكن ينحرق بالجاز "
وتتعرض الرواية الى الكثير من الحكايات الفلكلورية التى يهرب اليها الفلاحين من همومهم وفقرهم وقهرهم وجوعهم .. مثل حكاية الرجل اللى رفع يديه الى السماء المفتوحة وطلب بهائم ملئ الحوش مربوطة فى أوتاد فتحقق طلبه على الفور، وأيضا معارضة الحكاية ذاتها لتستخدم فى موضع اخر ، لرجل رفع يديه للسماء المفتوحة وطلب بهائم ملئ الحوش مربوطة فى أوتاد ، الا انه نسى ان يذكر البهائم فوجد البيت ملئ بأوتاد دون بهائم .
وحكا يات الشطار الفقراء ، واللى يركب منهم بغلة عرجاء وياكل بتاوه قديمه ، ثم تضحك له الدنيا .. فيذهب الشاطر ويرجع بعد ان ينقذ ملوكا .. ويحارب غيلان .. ويتزوج بنت الملك .. ويعيش فى تبات ونبات ويخلف صبيان وبنات .
هذا هو عالم الفلاحين المحرومين من الرجال والأولاد ، أما البنات فلهم حكايات اخرى مثل حكاية ست الحسن والجمال  التى قهرت من زوجة الأب بعد وفاة أمها ، فكانت تجعلها تعمل فى الأعمال الشاقة لترعى البقرة وتسرح بها فى عز الظهيرة والحر ، وكانت البقرة احن عليها من الأب وزوجته ، فتشتكى لها ست الحسن
شوفى يابقرتى يابقرتى .. ياتربية نينتى .. شايفة مرات ابويا وفعلها ؟ تأكل الفطير والرقاق والرز .. وتعطيني البتاو والمش
فتستجيب لها البقرة بان تضع البتاو المعفن لها فى " المخول " فتأكله البقرة وتعطيها من تحت ذيلها الفطير والرقاق ، وعين جمل ولوز ، وحلاوة طيحنية
لكن لافرح يدوم ، ولاحزن يدوم
عندما ترى زوجة الأب جمال ست الحسن وبياضها ، وانها وبناتها يصيبها الهزال والضعف وسقوط وجلد وجهها ، واكل الحقد قلبها .. فتتآمر مع عشيقها على ذبح البقرة
بعد أن تكتشف سر البقرة ، وأنها تقدم ما يحلو ويطيب لست الحسن ، ويتجمع الجزارين
لذبح البقرة الا ان سكاكينهم تتكسر على رقبتها ، وتستمر الحكاية لتذبح البقرة بعد موافقة ست الحيسن والتى توحى لها بلم عظامها وزرعها لتصبح شجرة تقدم الفاكهة لست الحسن .
هكذا يستمر الفلاح فى تقديم حكايات وأدب فلاحين والذى كان محل اهتمام شوقى عبد الحكيم ، ليتحايل على الحياة ويجيب على اسئلتها وعلى الظلم وغياب العدالة الاجتماعية.
والتى تظهر لنا وتتجلى بوضوح فى هذا المقطع الذى يسرد لنا الحالة الاجتماعية للعاملين من الفلاحين والفلحات .
" كان طابور البهائم كبيرا .. والتراب يثار حتى الركب ، وعلى ظهور الجاموس والحمير ، تراص العيال الرعاة ، صبيان فى سن متقاربة ، بنات وجوهها كوجوه الرجال ، يعلوها القشف ، ويبقعها القوب ، وشعورهم مشعثة لم ينزلها مشط ،ورجال كبار ضامرون لا يختلفون عن العيال فى صراخهم .. ولا فى جلبتهم .. ولا فى غنائهم
ولا حتى فى وجع الدماغ .. والمشاكل يثيرونها بسبب وبدون سبب .
والى الخلف وعند نهاية كل جاموسة ، مشيت بنت كالدودة أو امرأة عجوز شعرها ابيض
وعلى رأس كل منهم مقطف قديم ، مملوء حتى منتصفه بروث البهائم .. او قطعة صفيح
تتلقى فيهاا الروث من ذيا البهيمة ، لتدفع به الى المقطف المستقر على راسها .

تلك كان حال القرية المصرية فى ذلك الوقت تقبع فى الجهل ةالنوم والخرفات تسجلها الرواية بتفاصيل هامة تغير منها البعض وبقى الكثير منها حتى وقتنا هذا .

الروية من القطع المتوسط وتقع فى حوالى 171 صفحة وتستخدم لغة الفلاحين وتعبيراتهم .

الجمعة، 16 نوفمبر 2012

فى ذكرى شوفى عبد الحكيم " من ذكريات معتقل سياسى "







من ذكريات
معتقل سياسى
يقول القاص  المعروف عصام الزهيرى تعليقا على كتاب وشهادة  المناضل صليب ابراهيم
" من ذكريات معتفل سياسى " الذى خصص الكاتب فيه جزء هام لصديق دربه
ونضاله " شوقى عبد الحكيم " والذى اعتقل على اصر زيارة مع المناضل يوسف حجازى للمولف صليب ابراهيم بمعتقل الهيايكستب .

ما أهمية أن يكتب سجين سياسي ذكريات اعتقاله بعد مرور ما يقرب من الخمسين عاما على فترة سجنه (1959)؟
في مقدمة كتابه "من ذكريات معتقل سياسي" الصادر حديثا على نفقة المؤلف يروى "صليب ابراهيم" حادثة أو دافع نشر الكتاب. ويتضح للقارئ من صفحتي المقدمة القصيرة أن دافع تدوين تجربة الاعتقال القديمة هو أن نصف القرن الذي أصبح يفصل بين السجين وبين سجنه لم ينجح في محو التجربة القاسية من ذاكرته، لم يفلح مرور الزمن في أن يجعل من صورها ومشاهدها مادة ذاكرة لا تستدعي نفسها بنفسها ولا تقحم مشاهدها على السياق اليومي لعقل وتفكير صاحبها. والقارئ في هذه الحالة في مواجهة شهادة معذبة لتجربة أليمة ووثيقة إدانة من ضحية لجلاديها وصرخة معاناة من استبداد دموي ترك أثاره الوحشية على أجساد وعقول ونفوس ضحاياه لأكثر من نصف قرن من الزمان .

ولا تخلوا هذه الفترة من بعض الطرائف رغم سودويتها يذكر عن اعتقال شوقى عبد الحكيم .
" الكاتب شوقى عبد الحكيم وصديقه يوسف حجازى اعتقلا فى حملة مارس 1959 ، ومن الطريف
انه عند اعتقال شوقى من بلدته مركز سنورس لم يجدوه لانه كان يعمل بمدينة القاهرة ، فعتقل والده
الاستاذ عبد الحكيم هلال  الناظر بالتربية والتعليم بالفيوم حتى يسلم ابنه نفسه ويفرج عنه  وضبته ومعه شوال من كتب من مكتبته الخاصه
والاطرف من ذلك انه قد اعتقل شقيق الاستاذ يوسف حجازى اسمه محمود وهو فلاح امى لا يقرء ولا يعرف
اى شئ الا الزراعة الارض ، وقال له والد شوقى  عبد الحكيم اثناء ركوب سيارة الشرطة : -
انا ظبطونى بشوال كتب ، وانت يامحمود ظبطوا عندك ايه نخله ولا شجرة ؟

ذكرى زميل وصديق مناضل
الكاتب شوقى عبد الحكيم
تحت هذا العنوان الفرعى فى كتاب من ذكريات معتقل سياسى للأستاذ صليب ابراهيم يقول :
هنالك وفى الحياة أصدقاء وضعوا بصمة واضحة فى مسيرة حياتهم ، ويصبح فى عداد شخصيات لا تنسى
ويذكرهم التاريخ بماضيهم وكفاحهم وشرف كلمتهم ... فالإنسان المناضل بعد رحيله وبعد ان قال كلمته ومضى
يترك تاريخ للاجيال التى ترد بعده وتكون هادية ومرشدة لمرحلة كفاح ونضال كان الثمن فيها غاليا وكانت التضحيات ترسم طريقا مضيئا وتخط أملا واعيا للمستقبل . وكان من هؤلاء الشرفاء.. الزميل والكاتب المسرحى ،
وعالم الاثنوجرافيا والمناضل بالكلمة والقصة والمسرحية والمقال شوقى عبد الحكيم
وللزميل شوقى حياة طويلة " 69 عام " عريضة فى دروب الحياة والفكر من مواليد مدينة القيوم1934 .

وفى مطلع شبابه اتجه الى البحث ودراسة العديد من السير والملاحم وسافر الى اقصى الصعيدو الى الوجه البحرى
مسجلا مدققا لكل فنون الفلاحين وارائهم واقوالهم  ، وكان اول كتاب له " ادب الفلاحين " كتب مقدمته الدكتور
مصطفى مشرفة .
وكانت من أجمل دراسته فى صباه ايضا والتى عاصرت كتاباتها وهو فى مقتبل العمر ، هم العوالم واهل المزازك والفن الشعبى فى محافظة الفيوم .
فقد سجل حياتهم وعاداتهم وتقاليدم فى دراسة دراسة فنية واقعية تبين احوال قطاع كبير من حياة فئة بعض المهمشين فى الدنيا ن وسار على الدرب الغمرى والبحثى فكتب وبحث ودقق ، وكانت حصيلة كتبه اكثر من اربعين كتاب طبعت بمصر وبيروت .
وتحتوى موسوة الفلطلوى والاساطير العربة ، وكتب ايضا 18 مسرحية مستلهمة من التراث الشعبى
منه شفيقة ومتولى ، والمستخبى ، وحسن ونعيمة ، وخوفو ، والشبابيك ، والاعيان ، ومولد الملك معروف ،
واكازيون ، رمسيس وغيرها .. وصدرت له العديد من الرويات مثل احزان نوح ، دم ابن يعقوب ، والموت والتفاهة
والضحك الدمامة ، ، وساتيكورن  عربيةاو هجائيات عربية  ، وبيروت البكاء ليلا
.
ترجم له عملان الى الانجليزية هما : الاميرة ذات الهمة ، وبيروت البكاء ليلا ، واعد له باليه شعبى من ثلاثة فصول لفرقة رضا للفنون الشعبية .
بدا شوقى عبد الحكيم العمل 1962 محررا ادبيا بجريدة الاهرام ونشر بها بعض النصوص المسرحية التى عثر عليها فى محافظة الفيوم من ماسى ومرتجالات ، ثم التحق بجريدة الاخبار عام 1964
وفى عام 1978 يافر الى بيروت ومكث بها خمس سنوات وشاهد الاجتياح الاسرائيلى للبنان وكانت قصته الرائعة بيروت البكاء ليلا .
انتقل الى لندن بعد ذلك  واستمر هناك حتى عام 1989 وعمل اثنائها فى الصحف العربية ، وقام بتحقيق الملاحم والسير الشعبية مثل الزير سالم ، وسيرة بنى هلال ، وعنترة ، والاميرة دات الهمة  اطول سيرة عربية فى التاريخ
تبدأ السيرة تاريخياَ في عصر عبد الملك بن مروان (65-86هـ)، أزهى عصور الخلافة الأموية، وتستمر حتى نهاية عهد الخليفة العباسي الواثق بالله (227-232هـ). وهي تؤرخ تأريخاً شعبياَ للصراع الذي دار بين العرب والروم، الذي عرف باسم حرب الثغور على حدود الدولتين.
واعتمدفى تحقيقه على مخطوطة بالمتحف ابريطانى تقه فى 8 اجزاء وتصل صفحاتها الى اكثر من
20 الف صفحة .
وفى يواته الخيرة بدا يكتب مقلاته فى صحيفة الاهرام كل يوم احد تحت عنوان " تراث وماثورات "
تم تكريمه فى الدورة الوحيدة التى اقيمت فى مصر تحت عنوان الملتقى العربى .
كما تم تكريمه فى الدورة الخامسة لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى .
" رواية احزان نوح عملت مسلسل تلفزيونى بطولة عبد الله غيث ، ومسيرحية شفيقة ومتولى
عملت فيلم اخراج على بدرخان وبطولة احمد زكى وسعاد حسنى "

ومن مدوناته التى كانت عن الجمل  رمز الصبر والمشاق
جمل المحامل
جمل المحامل برك       وكان حاله الاعود وسند
يقولك يابدر خدنى معاك   وانا اكتب لك حجاب وسند
يقوللو لقيت الكون         ملقتش صدر حنين وسند
يفوت الاعود على الجمل   يقوللو يامهابيل نقول ونطول
شئ من سوء بخت الجمل   جاله الاهود وسند

للكاتب \شوقى عبد الحكيم
واسمه دراسات فى التراث الشعبى والكاتب هنا قد بذل الكثير من الجهد لكى يجمع بعض من هذا التراث الشيق الذى لا يعوض واليكم بعض منها التى اعجبتنى وارجوا ان تحوز على اعجابكم ايضا

منين اجيب صبر يغنينى على بعدك
ياللى هجرت المنام والفرش من بعدك
وبياع الصبر حرم بيعه من بعدك
واذا كان على الصبر عندى مية مركب ملانه صبر
وانا باسمع منادى ينادى كل يوم العصر
ياللى كواك الزمان اصبر على وعدك
= = = = =
قالوا الصبر ياعين جعلوه للابطال
ولو كان دوايا عند حبيبى دا كان ينطال
الا دوايا عند خصمى ما عاد ينطال
= = = = =
ارقد على الشوك عريان واضحك للى عادانى
واصبر على حكم الايام حتى ينعدل زمانى

تجميع = الاستاذ\ شوقى عبد الحكيم
من كتابه \ دراسات فى التراث الشعبى

الخميس، 15 نوفمبر 2012

حق الدوا .. على مين ؟ شوقى عبد الحكيم





حق الدوا .. على مين ؟
يتكلم الكاتب والباحث التراثى  شوقى عبد الحكيم عن نفسه ، وعن رحلته فى جمع التراث ، والحكايات ، والمأثورات ، والمواويل
ليحكى لنا حكاية تراثية من أفواه الناس ، معبره عن الأحوال  لاجتماعية فى هذا الوقت المبكر من  منتصف القرن 19
ونتركه ليتحدث عن نفسه ..

فى  تلك الأيام الخوالى كنت أسعى لجمع ماثوراتى من أفواه الناس أينما وجدوا داخل أعماق الأسواق من تجار بهائم
.. جمال وحمير يمتطوها مشتريها ليجربوها ويتعرفوا عطبها على طول الطرق الغير ممهده ، وقد يختفى بعضهم
بالحمار عن الأنظار متخذا طريقه الى كفره او عذبته ، ويظل صاحب الركوبة منتظر عودته ومن حوله يطمنوه
- اصبر يابو فلان . كل واحد حريص على قرشه .

الى ان تحواط المخاوف صاحب الحمار وتدب مدوية فى قلبه بأسى
فيضرب كف بكف
-                                                                 عليه العوض ومنه العوض 
-                                                                 - يعوض عليك

الا انه يصرخ من حرقته :
انا مقبلش العوض
أجل ... فالعوض تابو ... مرفوض

كنت أسعى لجمع مأثوراتى وموادى الجمعية الشفاهية بكل اشتهاء، متعرفا أماكنها ، حتى داخل المقابر وأضرحة
المشايخ والأولياء، وعند عيون المياه الراكده ، وحيث مضارب البدو والغوازى والحلبية التى استحالت الى حلبسه

كنت أقوم من نومى مفلوقا مع مطلع النهار بدلا من التوجه الى المدرسة ، أقنع صديقى ومساعدى بالتوجه الى كفر معين أو عزبة أو احدى الهوارات أو وحده معينة من الزرابى الفقيرة – جمع زربى – رغم ثراء الطبيعة وعطائها
فى الارض المشجرة كمثل غابة عميقة الازدهار والاخضرار .
وفى مطلع ذلك النهار كنت كمثل الصياد يتعرف مكمن فرائصه قلت لمرافقى :
-                                                                 نروح عزبة الاصفر
-                                                                 - لصفر .. ودى فيعا حاجه .. د كفر
-                                                                  أقنعته خلال الطريق لملتوى ميمنه وميسره .. كحكاوى الليل الاستطرادية
-                                                                 -  نشوف ياحربى  
-                                                                 -  نشوف
-                                                                 ما ان شرفنا على العزبة ، حتى هالنا سحب الدخان من الجرجوب والجلة وبقايا الشجرالمتحجر الذى يستخدوه فى الطبيخ

وبالفعل بطننا كركبت من روائح الاطبخة المتصاعدة من داخل الدور الطينية الواطئة ، وعرفت من فورى
ان اليوم يوم سوق البلدة
طابخين  

حططنا رحالنا أمام  مصطبة  بيت تساقط جيره التركوازى ، وعلى الفور تجمع حولنا صبية وبنات ونساء عجائز
حملن الينا الماء البارد وفى أعقابه كوبيات الشاى ثلاث ادوار تفوح برائحة النعناع
-                                                                 انتوا اغراب ؟
-                                                                 - أجل
-                                                                 -  عايزين  حاجه ؟
-                                                                  
- ايوه .
- الموجود .

تقاربت ورؤسهن فى تندم وهن يهمسن من حولنا .
ائلين ... شحاتين .. على باب الله .
تسائل حربى صاحبى
امال فين الرجالة ؟
- فى سوق الخميس والعيطان
ثم اوضح لهن وكان ماهر فى التقاط لغوهن وتعبيرهن  بما يضفى الاطمئنان الكافى ، ليتحلقن حجولنا
من كل صوب على المصطبة  المفروشة بالحصر الملونة .
قال باننا لسنا شحاتين ولا سائلين او طالبى حسانات ، والحسنة الوحيدة التى نطلبها مجرد الاستماع الى حكايتهن
وامثالهن وندبهن ، فهذا هو عملنا . قال
- كارنا
- حودجيه ... يعنى
قلت
يعنى .. اى حاجه
تسألن اكثر
- زى ايه ؟
قلنا
- اى حاجه بتحصل . غنوه .. سهراية .. حدوة ندب .
- ندب ... تبقوا مباحث
- ابدا .. ابدا
قلت احدهن وكانت موشومة الوجه والساعدين
- تكنوش بياعين كلام .
قلت
- احنا بنشترى
هنا تساءلن مطولا وارتفعت اصواتهن فى نفس واح
- ام مقبلة مفيش غيرها .. شايله كثير .. واعره
- مافيش غيرها فى العزبة .. عارفه كل حاجه .. شعر ندب يقطع القلب .
وجكت لى احدهن حكاياتها
- يابنى دى ماكنتش كده  .. كانت بحبوحه وصييته .. صوتها يجيب من اخر الدنيا
صوتها حلو وكانت تحنن فى الحج .. ومافيش زفة لعروسة ولا مظاهر ما تزفوش
قلت : بفلوس
قالوا : ابدا .. ابدا دى هى كده بحبوحه .. ماتحبش النكد ابدا ولا الندب
- امل ايه اللى حصل ؟
 عاد وفد من بنات وصبيان العزبة ليعلنوا فى احباط
- مش راضية تيجى
- ليه
اصلها قلبت على ندابة من يوم ما .
انتصبت واقفا مقررا الذهاب اليها . إلا ان النساء اقنعنى لا جدوى للمشوار فهى مقطوعة لا تحداث احد
بعد اللى حصل
- ايه اللى  حصل
وحكت لى المراة المسنة حاملة الوشم حكايتها :
-  يابنى دى كانت ماتبطلش ضحك ولا نوادر حلوه ، غنا ، فرفشة ، قبل اللى حصل . قبل ابنها اليتيم
اللى كانت بتربيه ما يموت .
حل صمت  مفاجئ عم الجميع حتى الاطفال الصعار :
اصل ابنها جالو .. العيى .. مرض ومسكوا ورقد طريح الفرن سنين
                                  صمت
ولما بعتنا جبنالوا حكيم من المدينة .
وميل عليه وكشف
بصلنا واحنا حواليه وقال :

--  حق الدوا على مين  ؟

وسمعه ابنها العليل عيط وطق مات
ساعتها جاءت ام مقبلة .. تدب بعكازها منشده :

أم طق العليل مات

ابنى ..
من قولة :

حق الدوا على مين ؟

كان شوقى عبد الحكيم يكرر هذه المقولة بستمرار
طق العليل مات
لما الطبيب سأل :
حق الدوا على مين


الجمعة، 9 نوفمبر 2012

مسرح شوقى عبد الحكيم بين الاصالة والمعاصرة بقلم : يحى حقى







مسرح شوقى عبد الحكيم
بين الاصالة والمعاصرة
بقلم : يحى حقى

ولا ننا مازلنا مع البدايات للكاتب شوقى عبد الحكيم والتى كان اكبر اهدافها م " من اجل مسرح مصرى اصيل
فقد اخترت لها بعد- اذن القراء- مقدمة الاستاذ يحى حقى المنشورة  للمجموعة المسرحية  " ملك عجوز ومسرحيات اخرى فى سلسلة المسرح المعاصر ، وايضا دراسة لاحد الباحثين استفزته كلمة الاستاذ يحيى حقى
يقول الاستاذ يحيى حقى : مع ملاحظة رقة وجمال قلم الرائع يحى حقى صاحب القنديل

خير وصف عندى لصديقى شوقى عب الحكيم هو انه عاشق لادب الفلاحين، بكل مافى عنفوان العشق من تسامح سخى مع المحبوب ، ، وتحيز متعصب له ، فى ان واحد ، لا يتكلف هذا العشق ،ولا يتخذه تجارة ، ولا يستغله
موجة جديدة تعم هذا العصر فيركبها لانها هى الرائجة ،وانما لانه مجبول على هذا العشق لما فى طبعه من رقة وبساطة ولألفه الحميم للفلاحين ، واحتياره افضل الطرق للنفوذ الى قلوبهم للفهم : طريق الحب فهو صادق مع نفسه كل الصدق ، بل انه صدق مفضوح : وافتضاح صدق العاشق لاصق بحماسة الكتاب فى مطلع حياتهم ،يبتسم له الشيوخ لبراءته حينا ،ويضيقون لسذاجته حينا ، سيتملص منه اصحابه حين يصبح هذا الصدق مكنونا غير مسافر يرى بالحدس لا بالعين ، ، فأنا اسمع لشوقى عبد الحكيم ، صباحا  او مساء ، فى البيت او فى المكتب او فى الطريق فلا ادرى اهو يجاذبنى اطراف حديث عابر عن شؤن الساعة ، ام انه يتلو نصوصا من نصوصه ، وفهم كلامه ليس اقل مشاقة عندى من فهم اعماله .
كان ينجو من جر المتاعب على نفسه لو انه اقتصر – كما فعل فى كتابه الاول – على تتبع ادب الفلاحين وجمعه وتوبويبه وتفسيره والتعليق عليه ، بل كنا نرضى له ايضا الا يفرق فى عشقه بين شريفه وخسيسه ، وما اكثر المبتذل فى ادب الفلاحين ، ولكنه لحسن الحظ فنان يهيم بالابتكار والتعبير الادبى ، فنتقل الى تأليف مسرحيات عن قرب قريب أو بعد بعيد من أدب الفلاحين ان لم يكن من الموضوع فمن اللغة قبل كل شئ . فلما فعل ذلك اذا بالنقاد يختلفون عليه : فيهم من حمل عليه ، وفيهم من وقف بجانبه مثلى ، ذلك ان شوقى صار لا يكفيه الاعتزار بأنه صادق مع نفسه ، بل أصبح ملتزما عليه ان يقدم لنا عملا مستوفيا لشروط المسرح . وكنت أتمنى من النقاد ال1ذين حملوا عليه ان يتناولوا  عمله بتمهل ولا اقول برفق وان يزنوه بانصاف العدالة لا بحرفية القانون ، سواء حكموا له او عليه ،او ان يفعلوا  معه ما يفعلونه مع مانستورده من التجارب الحديثة فى المسرح الغربى التى تكاد تكون شفلنا الشاغل ، فلماذا اذا خرج مؤلف مسرحى  عندنا عن المألوف وحال كسر بعض القواعد الحديدية والوصول الى نافذة جديدة يطل منها على الحياة نراه يخاجم بلا تريث .
وشوقى عبد الحكيم نفسه يعترف ان عمله لا يخرج عن إطار التجربة ، انه لايريد  ان يلتزم شكلا معين ،بل ولا يرى بعد أين تقوده قدماه .
ومع هذا فان تجربته هذه تأتى فى حينها ، تحاول الاهتداء الى جواب سؤال عسير يشغلنا ، وهو : كيف يجمع مسرحنا الحديث بين الأصلة والمعاصرة ؟ هل نظل نقتبس من الغير ؟ هل يظل مسرحنا يدور فى نظاق الواقعية الاجتماعية ؟ التى لا تفرق بين لتصوير الفتوغرافى الا قليلا ؟ كيف نصل الى مسرح وليد الالتحام بالشعب ، المعبر عن هذا الشعب ، وكأن شوقى يقول لنا : لا نجاة ولا وصول الى المعاصرة الا بالرجوع الى أدب لفلاحين واتخاذه موضوعا او خلفية لاعمالنا المسرحية ، فاذا فعل فلن يتصف بالأصلة فحسب ، بل سيجد لغته أيضا ، لغة مشحونة بالإيحاءات  والكفيات والمجازات وأصداء الأساطير والأحلام ، لان العلاقة شديدة بين الفنون الحديثة والفنون البدائية والرؤى الشعبية والرموز والمجردات .
لقد سهل مسرح الجيب بعد تقديمه لشوقى عبد الحكيم فى الموسم الماضى ان يقدم يسين وباهية من شعر الاستاذ
نجيب سرور ، وهى تجربة جديدة ايضا لم تجد الاهتمام من النقاد مع الاسف .

اعترف ان اعمال شوقى عبد الحكيم تهبك كل ما عندها بالقراءة ، فاذا علت خشبة المسرح تعرضت لامتحان شديد ، فحين قدم مسرح الجيب الموسم الماضى مسرحيتى " شفيقة ومتولى " والمستخبى " من هذه المجموعة التى بين يديك نطقت الملامح بالمحاسن الخفية .
انك لن تفهم شوقى عبد ا لحكيم الا اذا تخليت عن تطلبك لهذا الترابط المنطقى فى الحوار كما تفعل مع بيكت مثلا وان كان مسرح شوقى عبد الحكيم من نوع مختلف كل الاختلاف عن مسرح الامعقول  . والحوار عند شوقى هو بين ضميرين ، يدور اغلبه داخل منطقة الا وعى ، منطقة الشعور الداخلي ، انه مجموعة من منولوجات داخلية فردية متصلة وان بدت متقطعة لتداخل بعضها فى بعض ، لا عجب ان كان أشبه شئ بجرس الرقى والتعاويذ ، والنفاثات ف العقد ، " القائلة نبين زين ونشوف الودع "
ليس لمسرح شوقى عبد الحكيم  لحسن الحظ هدف تعليمى ، هدفه الأحد هو الوصول الى مسرح بذاته لذاته ، مجرد عن الاغراض المباشرة ، كما تكون الموسيقى للموسيقى ،والتشكيل عند التجريدين تشكيلا .
ومغ ذلك اعترف اننى تعلمت منه حين قدم شهادة أدب الفلاحين فى الحياة ، عن القدر والضمير وعلاقة الفرد بالمجتمع .
- فهو ويؤمن ان الفرد رغم جبروته وخرق كعبه للأرض مخلوق ضعيف ، ولو انحلت تكة لباسه لانكشفت عورته ، يستحق زرف الدموع عليه فى البكائيات التى تروى سيرته على الطبلة او الناى لأنه أسير يد قوتين تسيطران عليه لاقبل له بهما ، القدر والمجتمع ولكنه – وهذا تفسير جديد لم أصل اليه وافهمه الا بفضل شوقى عبد الحكيم – يسلم بان هاتين القوتين غير ظالمتين .



رأى كتبه يحيى حقى استفز باحثا لدراسة توسعت فيما بعد
الحوار فى مسرح شوقى عبد الحكيم .. توصية بالارتجال
عن الحوا ر فى مسرح شوقى عبد الحكيم حصل الباحث أحمد عامر على درجة الماجستير من قسم النقد الأدبي بالمعهد العالى للنقد الفنى بإشراف د. نهاد صليحة.
تكونت لجنة المناقشة من د. حسن عطية عميد المعهد العالى للفنون المسرحية ود. احمد بدوى عميد معهد النقد الفنى إضافة الى د. نهاد صليحة .
كشف الباحث ف مقدمة دراسته أن ماستفزه فى مسرح شوقى عبد الحكيم هو رأى كتبه الراحل يحى حقى رأى فيه ، انه حوار من نوع جديد تكاد لا تقوم فيه علاقة بين الكلام والرد .. ولن تفهم شوقى عبد الحكيم إلا اذا تخليت عن تطلبك لهذا الترابط المنطقى فى الحوار .
فى الفصل الأول من الدراسة حسم الباحث عدة إشكاليات وصولا الى التعريفات الإجرائية التى يعتمدها فى بحثه ابتدأ من مصطلح الحوار وصولا لمصطلح الدراما ومنه لثنائيات الأدب والدراما والنص والعرض .
ثم خصص الباحث فصلين لتحليل علامات الحوار فى مسرحيات عبد الحكيم مقارنا ايها مسرحيات لشكسبير ، استراندبرج ، أبسن ، نجيب سرور ، توفيق الحكيم .
ودرس الباحث فى فصل مستقل كيفية قيام الحوار بوظائفه البنائية مقتصرا على بعض العلامات المختارة والتى تشكل ثنائيات واضحة عند شوقى عبد الحكيم .
وفى الجزء الأخير من هذا الفصل ركز الباحث على فعل الكلام ، ثم رد فعل الكلام الى نوعين من الأفعال الدرامية بينهما الحوار ويحيل الهما طول الوقت .
وفى الفصل الثالث تطرق عامر الى تطبيق على نصوص مسرحية فغير مساره جزئيا بحيث أصبحت سيموطقيا الحوار الدرامى هى المنطلق الاساسى وأصبحت مسرحيات شوقى عبد الحكيم نماذج مختارة كمصادر أساسية للبحث مع مقارنتها بمصادر فرعية أخرى هى مسرحيات عربية وغربية .
وتوصل الباحث الى نتائج هى ..
ان كانت الدراما كل ما يكتب بغرض التمثيل وبما يتناسب ووسيط عرضه سواء كان هذا الوسيط المسرح أو السينما أو التلفزيون أو الإذاعة وبالتالى ينبني تحديد كفاءة اى عنصر بنائى اعتمادا على قابليته للتمثيل ومدى قابليته للتحقق وفق امكانات وسيط العرض كما خلص الى ان للحوار الدرامى المسرحى بشكل عام عند شوقى عبد الحكيم وظائف متعددة تضافر مع وظائف لغات خشبة المسرح كما تعوض نقصها أحيانا من هذه الوظائف ببناء الأنظمة الدلالية المختلفة داخل المسرح .
كما يقوم الحوار بتقديم معلومات عامة للمتلق ويختلف التأثير الناتج على المتلقى باختلاف تقنيات تقديم هذه المعلومات فأحيانا يمثل تقديم المعلومات تعاليا على الجمهور ولكن فى جميع الأحوال يستبعد ما يعوق العلاماتى للوصول لمعنى يناسبه اى يقوم بإقصاء هذه المعلومات وفى حالة زيادتها على قدرة المتلقى يحكم عليها بالغموض وتمثل هذه الحالة مسرحية جنينة الحيوانات البشرية .
وتوصل الباحث الى نتيجة أخرى حيث يفلح المؤلف فى تقديم معلوماته العامة فى بداية النص الدرامى عبر حوار لا يقدم دروسا ولا استعراضا لثقافة المؤلف ، ولا اى من شخصياته .. حيث تكون المعلومة ضرورية فى بناء الإحداث والصراع ، وتطور الحبكة حتى النهاية ، وهذا هو المسرح النموذجى لاستخدام هذه التقنية كما فى مسرح " الأب " لأوجست سترندبرج .
وأخيرا هناك التوصية بالارتجال فى بداية النص الدرامى اى ( حوار لم يكتبه المؤلف ) يوصى به لآخرين يقومون بكتابته أو ارتجاله ، فرغم ما يسود عن ربط الارتجال بالعرض ، فان الباحث وجد ما اسماه بالتوصية بالارتجال من قبل المؤلف الى المخرج والممثل والدراماتورج وهى توصية توسع من نطاق البدائل والخيارات الفنية الدرامية المسرحية للوصول لعرض أكثر نجاحا وأكثر تأثير وجماهيرية .
عن جريدة مسرحنا 9 من ابريل