الاثنين، 18 يوليو 2016


باحث ثقاف



فجر الضمير جيميس هنرى بروستيد ترجمة سليم حسن ادرك المصرى القديم ان حضارة بلا قيمة له ، وهي بناء اجوف ، وكم من حضارات انهارت وأصبحت نسيا ً منسيا ً، لذا سعي الى وضع مجموعة من القيم والمبادئ التى تحكم اطار حياته ، تلك القيم التي سبقت ،، الوصايا العشر ،، بنحو الف عام ، وقد تجلي حرص المصرى القديم على ابراز أهمية القيم في المظاهر الحياتية ، فكان أهم ما أوصى الأب به قبل وفاته الجانب الأخلاقى حيث نحد كثير من الحكماء الفراعنة يوصون أبناءهم بالعدل والتقوى وكذلك كانوا يحرصون على خلود تلك القيم فى عالم الموت ، لذا تحتوى جدران مقابرهم على رمز ألهة العدل ،، ماعت ،، ليتذكروا أن العمل باق معهم ، لقد سبق المصريون العالم اجمع في بزوغ فجر الضمير الانسانى ، وقد وضح عالم المصريات العبقرى ،، هنرى بروستيد ،، ذلك بجلاء في هذا الكتاب الفذ . ويحضرنى موقف لهذا الكتاب ، وكنت قد اشتريت نسخه منه طبعتة مكتبة الأسرة لاهدائها الى برلمانى شهير كنا في زياره له مع للصديق محمد البجيجى والمفكر المصرى الكبير محمد يوسف ، وقد امسك الكتاب الاستاذ محمد يوسف من يدى قائلا انه من اعظم الكتاب فى التاريخ المصرى ، وسألنى عنه ، وأجبته اننى اشتريته لاهدائه للبرلمانى الشهير ، الا انه انفعل ورفض هذه الفكرة وأسر على عدم اهدائه له ، لم أسئله عن السبب ونفذت ما طلبه .. من هو هنرى جيمس بروستيد مؤلف الكتاب : هو عالم متخصص فى عالم المصريات ، ولد عام ١٨٦٥ بمدينة روكفر بولاية ،، الينوى ،، بأمريكا . تزوج بريستد عام ١٨٦٥ وقضى شهر العسل فى مصر ، ومنذ هذه اللحظة التى زار فيها مصر ازداد ولعه التاريخ مصر القديم . حصلةعلى الدكتوراة في علم المصريات من برلين وكان أول من شغل كرسى المصريات والتاريخ الشرقى فى أمريكا ، ثم أسس المعهد الشرقى بأمريكا عام ١٩١٩ . يمتاز بريستد بالدقة المتناهية في دراسة التاريخ المصرى ، الأمر الذى جعله يعكف على دراسة البردى ٢٢ عام ليخرج الينا كتابه الرائع ،، فجر الضمير ،، هذه التحفة الهامة في التاريخ المصرى وتلانسانى . ولعل ما قدمه بريستد لا يقل عما قدمه ،، شيمبليون ،، فاذا كان الأخير فك رموز اللغة المصرية القديمه ، فان بروستيد هو من ازاح الغبار والتراب من فوق الأحجار والمقابر والبرديات ، لينهل من تاريخ وحضارة مصر ومن خلال مجهوده هذا وسع مفهوم الشرق لدى الغرب . يقول مترجم الكتاب وعميد الأثريين الدكتور سليم حسن في مقدمته عن الكتاب . أرجو أن يهتم كل مصرى يحترم نفسه ويقدر منزلة بلاده بقراءة هذا الكتاب لعل فى ذلك بعثاً لاحياء الماضى المجيد الذى لا يزال الغرب ينهل منه ويسير على هواه منذ أقدم عهده حتى يومنا هذا ، دون أن يشعر أحد منا بذلك ، حتى أبرزه الاستاذ ،، بريستد ،، فى فجر الضمير أو كما أسميه أصل مدنيات العالم . أظهر ،، بريستد ،، فى كتابه ،، فجر الضمير ،، فكرة اكثر من رائعة ، وهى أن الانسان شعر لأول مرة بوخذ الضمير بعد أن صار أول صانع للأشياء من بين جميع المخلوقات وعلى الارجح كان ذلك من مليون سنة ، بعد ان اخترع أول أسلحته وظل مليون سنة اخرى يحسن فيها . وظل الانسان يصارع اخيه الانسان ، ويحارب كل القوى المحيطة به ، من وحوش ، ورياح ، وفيضانات الى اخره .. مليون سنة أخرى طور من خلالها أسلحته بدءأ من البلطه كما يقول المؤلف وانتهى الى القنبلة النواوية وغيرها من اسلحة الدمار الشامل . أما الجانب الأخلاقى فقد بدأت تتشكل لديه منذ ٥٠٠٠ عام فقط على ضفاف وادى النيل بأقوال الحكماء المصريين . ومن المرجح تاريخياً ان ،، هليوبوليس ،، التى كان اسمها ،، أيون ،، هى التى أخضعت الوحدات الأخرى تحت حكم ملك واحد وأغلب الظن كان ذلك قبل ٤٠٠٠ سنة ق. م في عصر مينا عصر الاتحاد الأول ، وفى تلك الفترة .. فترة هليوبوليس.. بدأت تظهر تباشير القانون الأخلاقى ، وظهر أيضاً أن الموت ليس نهاية النهايات ، وأن هناك حياة بعد الموت ، كما أن هناك ثواباً وعقاباً ويدل على هذا بناء الأهرمات والنقوش على المعابد . وفى هذا العصر عصر الاتحاد الأول ،، مينا ،، موحد الأرضين أى الشمال والجنوب ، عثر على حجر محفوظ بالمتحف البريطانى كان يتخذ أحد الفلاحين منه كطحونه يطحن عليه الغلال مما أضر بجزء من النص ، وقد استطاع ،، بروستيد ،، فك ظلاسم هذا النص الهامة والذى اتفق العلماء الأثريين على تسميته بالمسرحية المنفية نسبة الى مدينة ،، منف ،، عاصمة هذه الدولة . والنص يتحدث بوضوح ولأول مرة فى التاريخ الانسانى عن ما يسمى بالفلسفة اللاهوتية بين اله الشمس او الاله السماوى ، وبتاح الاله الارضى او اله كل الحرف . وفى الحوار بهذه بالمسرحية المنفية يظهر الحديث عن أصل كل الأنواع ، ومن المدهش ان النص يظهر ثلاث نقاط هامة .. الاولى : الفكر .. وهو ما يرمز له بلفظ القلب حيث كان يعتقد ان القلب هو محل الفكر ، والعضو الثانى اللسان ، فالعقل يفكر واللسان ينطق . والثانية : النظام الدنيوى : وبختصر في الذى يفعل ما هو محبوب يستحق الحياة والذى يفعل ما هو مكروه يستحق الموت وبهذا يظهر لاول مرة فى التاريخ الحديث عن الحق والباطل . الثالثة : النظام السماوى : وهو ما يتحدث عن عن الاله الضمير الذى خرج منه كل شئ الى الوجود . وايضاً تتحدث المسرحية المنفية رغم ما أصبها من هذا الفلاحين الغشيم الذى استخدمها كحجر للطحين ، عن الاله الذى منك وبداخلك ، وأن هذا الاله يعطى الأمر والفهم . الأمر فى عملك لتعمل والفهم فى عملك لتفكر . كان هذا منذ أكثر من ٤٠٠٠ عام قبل التاريخ نشأ الضمير الانسانى وشدد على عمل الخير أو الحق ، ونهى عن عمل الشر أو الباطل فى مصر على ضفاف وادى النيل . كتب : عماد عبد الحكيم هلال

ذهب رئيس الكيان الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في زيارته الأخيرة إلى أثيوبيا والتي تحتضن ما يعرف بـ “يهود الفلاشا “، والتي سبق أن هاجر إلى إسرائيل جزء منهم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
مستغلاً أزمة سد النهضة بين مصر وأثيوبيا، وللحصول علي الدعم المناسب لتكون إسرائيل عضو مراقب في الاتحاد الأفريقي، الذي أسس عام ٢٠٠٢ على خلفية منظمة الاتحاد الأفريقي التي أسسها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، باسم منظمة الشعوب عام ١٩٥٢ في العاصمة الغانيه ” أكرا “، وأقر ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية فى أديس أبابا فى مايو ١٩٦٣.
ولعلنا لا نغفل البعد الديني لهذه الزيارة في الصراع العقائدي على نهر النيل والذي يعتبر وفق الديانة اليهودية من أنهار الجنة الأربعة، ووعد من الرب، وحين أعطي إبراهيم ميثاق قائلاً: ” لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير الفرات “.
وقد استبعد الكتاب التوراتي من هذه العطية ذرية إبراهيم من إسماعيل أبو العرب، وقصرها فقط لنسل إبراهيم اسحاق، ويعقوب، والأسباط الأثني عشر، وهو الوعد التوراتي الذي أجج الصراع بين العرق الحبشي والعرق العربي .
وتؤكد سيرة سيف بن زي يزن ” ٥١٨ – ٥٧٤ ” وهي سيرة تعد من أطول السير العربية، وتشمل ٢٠ جزء و١٨ ألف صفحة تقريباً، أن الملك التبع الحميري اليمني سيف بن زي يزن، بعد هزيمة الحبشيين وطردهم من اليمن، وانتقال الصراع إلي شمال أفريقيا ومصر، علي هذا الكتاب السحري “كتاب النيل” والذي كان يعتقد أن من يملكه يعرف منابع النيل ويستولي عليها وتصبح ملكاً له، فالصراع في هذه السيرة مبني على الحرب بين الساميين الغازين بقيادة الملك التبع اليمني سيف بن زي يزن، والحاميين السود الأفارقة المنحدرين من نسل حام بن يعقوب الأسود .
ولم يتوقف الصراع علي نهر النيل ومياهه بين الحبشة ومصر، ففي عهد محمد علي باشا تجدد الصراع حين هددت الحبشة بردم نهر النيل وحجز المياه عن مصر، مما اضطر محمد علي باشا إلى غزو السودان ليؤمن منابع النيل .
وفى نهاية الزيارة الأفريقية لرئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، و التي زار خلالها كينيا، وروندا، وأوغندا، وأثيوبيا، عقد مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الأثيوبي أعلن فيه الأخير عن استعداد بلاده دعم اسرائيل لتوطيد مكانتها في أفريقيا، وإنه لا يوجد سبب يمنع إسرائيل من أن تكون عضو مراقب في منظمة الاتحاد الأفريقي .
فهل ينجح الكيان الصهيوني في تعطيش مصر، أملاً في الاستيلاء علي مياه نهر النيل حسب الوعد التوراتي المزعوم؟
كتب عماد هلال 
باحث ثقافي