الجمعة، 28 ديسمبر 2012

طائر الفينيق


عدد تفاصيل وصيغ أسطورة طائر الفينيق، إلا أن الثابت منها هو أنه لَم يكن في العالم سوى طائر فينيقٍ واحد، وكان يسكن الْجنة، وهي أرض جمال لا توصف، وهي الرابضة خلف الأُفُق البعيد الذي منه تشرق الشمس بهدوء. بعد ألف سنة، أصبح الطائر يرزح تَحت وطأة عمره الطويل، وقد دانت ساعة موته. ولأن في العالَم الأرضي موتاً على عكس الجنة التي أكتسب منها المقدرات السماوية والحكمة، شقّ طريقه إلى الأرض، فقطع البحار والجبال والسهول، حتى استوقفته رائحة اللبان والبخور الصنوبري المنبعثة من جبال لبنان، فبنا عشَّه على أعلى شجرة أرز من اللبان والمر والعنبر.

وعند الصباح، عندما لاحت خيوط الشمس، شاهد شروقا لم يبصر له نظيرًا في جماله خلال جميع أسفاره، فبدأ ينشد الأغاني السماوية بصوته العذب الملائكي. وعندما سمعه إله الشمس، خرج إليه وهو على عربته التي تجرها أربعة أحصنة نارية ليشكره، وأراد أيضًا، عند طلبه، أن يريه آلام الناس وعذاباتهم. نقل إله الشمس لطائر الفينيق صورة حية وحسية عن الحياة الأرضية. بدأ الطائر الألفي في الصراخ من الغضب والألم لما أحس به من عذاب وظلم بين الشعوب، وبدأ يضرب بجناحيه داخل العش. أجفلت الأحصنة، وضربت بحوافرها الأرض بقوة، فطارت شرارات نارية إلى العش كانت كافية لإحراق الفينيق في داخله. لم يغادر طائر الفينيق عشه، فاحترق باختياره، مشاركا الشعب في آلامه وعذاباته، وتحوَل إلى رماد. لكن لم تكن هذه نهاية الفينيق، بل البداية. خرجت بيضة من تحت الرماد وفي اليوم الأول كبرت وفي الثاني خرج منها جناحان، وفي اليوم الثالث عاد الفينيق حيا. حمل الطائر عشَّه البخوري، وطار به إلى مدينة الشمس بعل-بت (بعلبك)، وقدَمه على مذبح الإله ليضعه قرباناً في معبد الشمس، بانتظار أن يأتي زمن موته الجديد، فيحترق ليولَد من رماده طائر فينيقٍ جديد.ِ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق