الاثنين، 5 مايو 2014

الوحي الأمريكي (3) قصة الارتباط البناء بين أمريكا والإخوان عبدالعظيم حماد

 من موقع كتبى


الوحي الأمريكي (3)
قصة الارتباط البناء بين أمريكا والإخوان
عبدالعظيم حماد
طلبت رسميا من وكالة الاستخبارات المركزية رفع السرية عن أرشيف الإخوان في الوكالة فكان الرد الرسمي الذي تلقيته هو أن كشف ذلك الأرشيف سوف يكون مدمرا للإخوان في مصر – إيان جونسون – كاتب امريكي – بمقاله بجريدة "وول ستريت جورنال" يوم 11 سبتمبر 2011

الوحي الأمريكي (3)
قصة الارتباط البناء بين أمريكا والإخوان
عبدالعظيم حماد

في الباب الثاني من الكتاب المهم والمثير (الوحي الأمريكي) استعرض الصحفي المعروف "عبدالعظيم حماد" علاقة أمريكا بالإسلام السياسي عبر التحليل التاريخي، ومن منظور كل جانب منهما على حدة، منذ أول اتصال أمريكي بجماعة الإخوان المسلمين عقب الحرب العالمية الثانية وحتى إقرار استراتيجية "الارتباط البناء" في 2007. ويبرز المؤلف في الباب الثاني أيضا التاريخ الطويل من التعاون بين أمريكا والتيارات المتأسلمة في مكافحة الشيوعية والاتحاد السوفياتي. وهو الأمر الذي تطلب أن يطلق الإسلام السياسي مقولة غريبة دارت حول أن الشيوعية هي الصهيونية وأنهما معا مؤامرة مشتركة للسيطرة على العالم. وقد عد ذلك منهم خداعا مريحا للنفس وتبريرا لتحالفهم مع "أمريكا الصهيونية".
ويخصص المؤلف الباب الثالث كاملا لتحليل علاقة "الارتباط البناء" بين أمريكا وجماعة الاخوان. إذ يقسمه إلى خمسة فصول سوف يتولى هذا العرض تلخيص تفاصيلها ووقائعها الخطيرة بدقة وبعناوينها. وفي مقدمة هذا الباب الثالث يشير المؤلف إلى أن "الارتباط البناء" بين واشنطن والإسلام السياسي ممثلا بالدرجة الأولى في جماعة الإخوان المسلمين كان بمثابة إلتقاء المتوازيين "الأمريكي الصهيوني" و"الأمريكي الإسلامي" ليكونا معا "تيارا جديدا في السياسة الخارجية الأمريكية ورافدا جديدا كذلك في حياة الشرق الأوسط عموما، وفي مصر على وجه الخصوص".
كما يشير إلى الملامح العامة لتطور هذا "الارتباط البناء"، الذي لعبت فيه المنظمات الإخوانية بأمريكا دور حلقة الوصل، من الحوار، إلى التعاون الأمني، إلى التفاهم، ثم "وهذا هو الأهم لأنه بيت القصيد في هذا الكتاب تطور كل ذلك إلى الانفتاح الإخواني على اليهود الأمريكيين أولا، ثم إلى الاقتراب غير المباشر من الصهيونية، فإسرائيل، وأخيرا إلى القبول بكل المطالب الأمريكية من الإسلام السياسي حول إسرائيل والمشروع الصهيوني".

تجديد النذور
كانت حروب بوش الصليبية في العراق وأفغانستان قد وصلت إلى طريق مسدود، فيما وصل المتأسلمون بدورهم إلى خسارة على كل الجبهات، تلقوا ضربات قاصمة في أفغانستان، وخسروا محاولات تغيير الحكومات في كل الدول العربية الرئيسية بالقوة. في هذه اللحظة اتخذ القرار الاستراتيجي الأمريكي ليبدأ "حفل تجديد النذور"، وهو تقليد أمريكي لإعادة تبادل عهود الوفاء والحب بين الأزواج القدامى من أجل تجديد مشاعر الارتباط داخل الأسرة. وهو ما يصف به المؤلف وصل ما انقطع من "تعاون طويل حار" بين الولايات المتحدة وبين الإسلام السياسي ممثلا في جماعة الإخوان ضد الشيوعية وحركة القومية العربية في حقبة الحرب الباردة.
"في يوم 28 يونيو 2007 اعتمدت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس سياسة جديدة، ترخص لدبلوماسييها الاتصال الرسمي بالإخوان المسلمين في مصر والعراق وسوريا، وبقية الدول العربية، واشترطت تعليمات رايس لسفرائها، ومساعديها أن تكون البداية هي الاتصال بممثلي الجماعة المنتخبين في البرلمانات، والنقابات المهنية، ثم تمتد الاتصالات لتشمل الزعماء الآخرين للجماعة".
وقد أتى هذا القرار بعد مقال نشره "روبرت ليكين" – الباحث في مركز نيكسون للدراسات السياسية – يدعو للتمييز بين المعتدلين والمتطرفين في الحركة الإسلامية عالميا: "كان ليكين يساعده باحث شاب قد أمضى أسبوعا كاملا في لندن في أواخر عام 2006 مع الدكتور كمال الهلباوي، ممثل جماعة الاخوان في أوربا..ولا يشك الأستاذ الهلباوي في أن ليكين كان في مهمة استطلاعية منسقة مع الحكومة الأمريكية".
كما جاء هذا القرار بعد "النتائج المبشرة" التي ترتبت على الندوة السنوية لمركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة "جورج تاون" بواشنطن. نظم هذه الندوة "جون اسبوزيتو" الأستاذ بالجامعة والناشط في مجال الاتصال بالاخوان المسلمين من خلال المنظمات الإخوانية بأمريكا و"حضر هذه الندوة ممثلا لجماعة الاخوان المسلمين المصرية وفد برئاسة الدكتور سعد الكتاتني الأستاذ بجامعة المنيا..وكان لب ما أدلى به الكتاتني من مداخلات في ندوة مارس 2007 بجامعة جورج تاون هو أن (تأييد الولايات المتحدة لنظم الحكم غير المحبوبة في البلدان العربية هو أحد أسباب تزايد شعبية الإسلاميين) وهذا هو الخبر السار، أما الخبر المحزن فهو أن (كثيرا من الناس في بلادنا سوف يستمرون في التحول الراديكالي (أي نحو العنف ورفض الآخر) بسبب هذه الحكومات القمعية، وهذا هو الأمر الأكثر إضرارا بالأمن الغربي، بشقيه الأمريكي والأوربي).
"في 24 يونيو 2007 قبل أربعة أسابيع تقريبا من قرار الوزيرة كوندوليزا رايس تأسس الائتلاف الإخواني الكبير في أمريكا، وهو تجمع يضم كل فروع الجماعة في أنحاء الولايات المتحدة من بحثية، وخيرية، ودينية، وسياسية، تحت مظلة واحدة أطلق عليها اسم (المسلمون الأمريكيون للارتباط البناء) وأطلق هذا التجمع الجديد مبادرة للتعاون مع الحكومة الأمريكية في مكافحة الإرهاب الدولي".
في الشهر التالي، أي في يوليو 2007، نظمت مجلة نيوزويك وصحيفة واشنطن تايمز منتدى لمن أسمتهم بالمعتدلين الإسلاميين، ودام الملتقى أسبوعا. حضره إخوان أو مقربون من الاخوان من عدة بلدان، ومن مصر حضر "طارق رمضان" الأستاذ بالجامعات السويسرية والبريطانية وحفيد الشيخ حسن البنا (مؤسس الجماعة). ونجل الدكتور سعيد رمضان أحد كبار مؤسسي التنظيم الدولي للإخوان و"كان جوهر المنشور من مقالات حضور المؤتمر هو أن الجهاد (أي العنف) في الإسلام لا يشرع إلا لأغراض دفاعية هي مقاومة عدوان خارجي أو طغيان داخلي".
وفي شهر أغسطس، جاء دور البروفسور "مارك لينش"، وقد أحدث مقاله في مجلة "فورين بوليسي" نقلة نوعية في فكر الإخوان، ويرجح المؤلف "عبدالعظيم حماد" أنه كان بداية العد التنازلي لإقالة مرشد الإخوان مهدي عاكف الذي كان يتورط كثيرا في الإشادة بعمليات حماس.."كان هذا المقال بعنوان مذكرة إلى المرشد العام..كيف تتحدث إلى أمريكا؟ وجعلت المجلة والكاتب العنوان الفرعي للمقال عبارة: "إخوة في السلاح" (تقصد الحرب القديمة ضد السوفيات) ثم قدمت المجلة والكاتب للمقال بالنص على أن الولايات المتحدة وجماعة الإخوان المسلمين لديهما مشتركات أكثر مما يعتقدان. وإذا أرادت الجماعة أن تتغلب على الشكوك الأمريكية فإن أعمالها يجب أن تتوافق مع كلماتها".
في هذا المقال طالب "لينش" مرشد الإخوان بتبديد غموض موقفهم حول قضايا معينة من بينها الحرية والدعوة إلى الشفافية و.."عدم الرفض الحاسم لهجمات حماس على إسرائيل واستمرار موقفكم المتقلب من العلاقة مع الإسلاميين المتطرفين". ووجه لعاكف نصيحة بأن يخفف من اندفاعاته اللفظية خاصة في حديثه عن خطط الولايات المتحدة للهيمنة على المنطقة. ويقول المؤلف:
"فور نشر المقال تلقى الدكتور لينش دعوة من جماعة الاخوان لزيارة القاهرة وعقد المرشد وأعضاء مكتب الإرشاد حوارات مطولة معه واستمرت الزيارة 4 أيام ألتقى خلالها – كما كتب فيما بعد – 25 من قيادات الجماعة وباحثين من خارجها..كما كتب لينش يقول: أن المرشد العام الأستاذ عاكف قال له في نهاية الزيارة إنه يشكره على هذه النصيحة الجيدة المبذولة له في مقاله، وأضاف لينش: إن هذه هي الجملة الوحيدة التي نطقها عاكف باللغة الإنجليزية".
وحوالي هذا الوقت، بدأت الدورة السادسة لمنتدى العالم الإسلامي الذي استضافته واشنطن، وشارك فيه مسئولون حكوميون أمريكيون، حاليون وسابقون. ومن بينهم "مادلين أولبرايت" وزيرة الخارجية السابقة (وهي التي سترأس طاقم الحوار مع الإخوان بعد تولي أوباما الحكم), و "كيث أليسون" عضو مجلس النواب الأمريكي المسلم عن ولاية مينسوتا، و"بريان بيارد" عضو مجلس النواب عن ولاية أيوا، والجنرال "ديفيد باتريوس" القائد الأعلى للقيادة الوسطى العسكرية الأمريكية، وغيرهم.
وقد شارك كالعادة العديد من الرموز الاخوانية، ومن بينهم طارق رمضان (حفيد الشيخ حسن البنا) و"داليا مجاهد" (المعروفة بعلاقاتها الوثيقة بالاخوان والتي ستعمل بعد ذلك كمستشارة في وزارة الخارجية الأمريكية في إدارة أوباما) و"أمينة رسول" من فرع جماعة الإخوان في الفلبين. و"في جملة واحدة بالغة الدلالة والدقة وصفت مجلة تايم نتائج هذه الدورة السادسة لمنتدى العالم الإسلامي بأنها : خلت من البلاغة المعتادة من المسلمين ضد أمريكا".
وتحت عنوان داخلي هو "جوائز مستحقة" يرصد المؤلف ثمار التعاون الإخواني الأمريكي و"كانت أول تلك الثمار تعليمات حكومية أمريكية من الخارجية، ومن وزارة الأمن الداخلي، ومن المركز القومي لمكافحة الإرهاب، بوقف استخدام التعبيرات التالية في المكاتبات الرسمية، وفي البيانات العلنية (المتطرفين الإسلاميين ، الجهاديين ، المجاهدين ، الفاشية الإسلامية ، الإرهاب الإسلامي).
وكان لابد من إقناع صقر الصقور "جون ماكين" المتحمس لحرب "بوش الابن" الصليبية. وكان "منير فريد" من الجمعية الإسلامية لشمال أمريكا هو من أجرى أول اتصال بين ماكين والاخوان. و"اقتنع الرجل في النهاية وأصبح فيما بعد المدافع الرئيسي في الكونجرس عن الارتباط البناء مع الاخوان المسلمين ضد الحملات على كل من داليا مجاهد، وهوما عابدين، وهي مستشارة مسلمة لوزير الخارجية".
ثم دخل الجيش الأمريكي أخيرا على خط "الارتباط البناء" بدراسة نشرت عام 2009 صادرة عن كلية الحرب التابعة للجيش الأمريكي، بتوقيع الدكتورة شريفة زهور أستاذ الدراسات الإقليمية بمعهد تابع لكلية الحرب. و"خلاصة هذه الدراسة أن الاخوان المسلمين معتدلون، بما في ذلك كل فروعها، حتى أن حركة حماس الفلسطينية نفسها يجب تصنيفها بوصفها حركة معتدلة". ونصحت شريفة زهور بضرورة الشروع في اتصالات مع حماس وضرورة استمرار الاتصالات مع بقية فروع الاخوان.
في الشهر التالي، نظم السناتور جون كيري مجموعة من جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ الأمريكي ودعي إليها كل الشخصيات الأمريكية التي كانت تقود برنامج الارتباط البناء مع الاخوان المسلمين. ومن بينهم أولبرايت وداليا مجاهد ودنيس روس وريتشارد ارميتاج نائب أولبرايت في وزارة الخارجية والرجل الذي "ألتقى في إحدى حفلات السفارة الأمريكية بالقاهرة في هذه الفترة بالدكتور سعد الكتاتني، وسرعان ما انسحب الاثنان إلى غرفة جانبية، حيث عقدا اجتماعا استمر ساعة كاملة، وقد نشرت المصري اليوم هذا الخبر في حينه".
أخيرا، خلصت جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ إلى التوصيات التالية:
- إعادة تسمية الجماعات الإسلامية – مثل الاخوان – بالناشطين الاسلاميين، بدلا من المتطرفين أو الأصوليين.
- تصنيف جماعة الاخوان كجماعة تنبذ العنف
- وقف استخدام تعبير الجهاديين لأنه يربط الاسلام بالعنف
- إشراك المسلمين الأمريكيين في الحوار كجسر للتواصل
وتستمر جهود برنامج "الارتباط البناء" التي يورد المؤلف تفاصيلها الكثيرة في أمريكا وعدد من دول أوربا من بينها بريطانيا وألمانيا. حتى يصل إلى شهر يوليو 2009 حيث عقد في العاصمة البلجيكية بروكسل مؤتمرا مثلث الأطراف: أمريكا وأوربا والإخوان المسلمون. عن هذا المؤتمر تحدثت السيدة "فرح بانديت" ممثلة وزارة الخارجية الأمريكية لدى الجالية المسلمة قائلة:
"إن الحكومة الأمريكية سوف تستمر في التركيز على العمل على بناء شبكة الإخوان على جانبي الأطلنطي، لاتخاذ موقف موحد من الاغتراب والتطرف، ولتعبئة المعتدلين الإسلاميين في تيار رئيسي يهمش المتشددين الميالين للعنف، وقد طلبت السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية من "المتحدثة" تعميم ما فعلته في أوربا (بناء شبكة إخوانية) على مستوى العالم". وأضافت: "إنها نجحت في أوروبا لأن المسلمين في أمريكا ساندوها، ولأن مثل هذا العمل لا يمكن أن تنجح فيه وحدك".
في شهر نوفمبر 2009 أصدرت جامعة برمنجهام تقريرا حول "التفاعل والمشاركة بين الشرطة والمسلمين لمكافحة الإرهاب". هذا التقرير الذي أشرفت عليه الدكتورة سلوى العوا (حرم محمد سليم العوا) جاء فيه:
"إن الدين يمكن أن يلعب دورا إيجابيا في مكافحة الإرهاب، وأن أفضل حل في مواجهة القاعدة هو تقديم بدائل للناس "المتدينين" لتغيير افكارهم" وأوصى التقرير "بأن المعرفة اللازمة لبلوغ هذا الهدف يمكن أن تقدمها مجموعات معتدلة أبرزها الاخوان المسلمين".
وفي أواخر ديسمبر 2009 يصدر مجلس الشئون العامة الإسلامي الأمريكي مشروعا بعنوان "تقوية أمريكا" يتحدث فيه عن وسائل فعالة لمكافحة الإرهاب ويضرب المجلس المثال بنفسه فخورا "بالتعاون البناء مع السلطات في مكافحة الإرهاب بكشف واعتقال خلية من خمسة إرهابيين خطرين في باكستان بناء على معلومات قدمتها الجالية المسلمة الأمريكية لسلطات البلاد".
أخيرا، في عام 2010 يستحدث البيت الأبيض مكتبا إداريا جديدا باسم "إدارة الارتباط العالمي" تسند رئاسته إلى باراديب راماميرثي وهو عضو في مجلس الأمن القومي و"قد حددت المهمة الرئيسية والوحيدة لهذا المكتب في التفاهم مع الاخوان المسلمين في جميع بقاع الأرض"
وكان تقريرا ممولا من مجلس العموم البريطاني قد أصدرته جامعة كمبردج وشارك في إعداده الإخوان المسلمين ويقول عنه الكتاب: "خلاصة هذا التقرير أن الإسلام لا يتصادم مع العلمانية المعتدلة، ويتوافق مع الديموقراطية، وحقوق الإنسان، والمواطنة، وقد وصف المعهد الدولي للفكر الإسلامي هذا التقرير بأنه أفضل تعبير عن إيديولوجية الإخوان المسلمين"
ويتساءل المؤلف:
"ترى هل أقر مكتب الإرشاد هذا التطور في فكر إخوان المهجر، وتبنى التوافق، أو عدم التعارض مع العلمانية المعتدلة؟ وإذا كان تقرير كمبردج هو أفضل تعبير عن إيديولوجية الإخوان المسلمين، فلماذا يستمر شبابهم المتحمس في وصف الليبراليين والعلمانيين، معتدلين ومتشددين، بالكفر والإلحاد؟.
مرة أخرى..الخطاب المزدوج!

وثالثهما إسرائيل
لكي يكون الارتباط البناء بين أمريكا والاخوان بناء فعلا فلا يكفي نبذ العنف ضد أمريكا نفسها وضد أوربا في الداخل والخارج، ولكن – كما يقول المؤلف – لابد أن يشمل ذلك الارتباط بالتوازي (وربما أولا) إسرائيل و"لأن البدء بإسرائيل مستحيل، فلتكن البداية بالإخوة في المواطنة الأمريكية..أي يهود أمريكا".
وعلى نمط سرده المؤرخ الموثق لوقائع الارتباط البناء السابقة، يسترسل المؤلف في سرد وقائع وتفاصيل مدهشة حول التقارب بين الإخوان والجالية اليهودية بأمريكا:
"في 19 ديسمبر 2007 وقع أول اتفاق من نوعه في التاريخ الأمريكي والتاريخ الإسلامي اليهودي الحديث للتعاون الثقافي بين الجمعية الإسلامية لشمال أمريكا، وبين اتحاد اليهود الإصلاحيين، وينص الاتفاق على التزامات متبادلة بين الطرفين الموقعين: فيلتزم المسلمون بمقاومة إنكار الهولوكوست النازي ضد اليهود بين صفوف المسلمين الأمريكيين، بينما يلتزم اليهود الإصلاحيون بمقاومة ظاهرة الإسلاموفوبيا أي الخوف المرضي من الإسلام بين يهود أمريكا".
وقد اختار الحاخام إريك يوف رئيس اتحاد اليهود الإصلاحيين هذه الجمعية الإسلامية حسب قوله لأنها "تدين الإرهاب بقوة، وقد أدانت بالفعل أعمال حركة حماس، وأعمال حزب الله، وهي تعترف بإسرائيل كدولة يهودية، وتؤيد حل الدولتين بالنسبة للقضية الفلسطينية". وفي 30 أكتوبر 2008 تطور هذا الاتفاق إلى إتفاق "توأمة بين مساجد الإخوان وبين معابد اليهود الإصلاحيين في الولايات المتحدة وكندا"!.
ويوم 18 أغسطس 2009 استضافت وزارة الخارجية الأمريكية لقاء 28 من رجال دين مسلمين ويهود من 10 دول أوربية، وقالت أنها تريد تشجيع التفاهم بين المسلمين واليهود على الأرض الأمريكية. وقد شارك في اللقاء بالطبع قيادات الاخوان في أمريكا على رأسهم ممثلون للجمعية الإسلامية لشمال امريكا. وقد تلا هذا اللقاء و"إثباتا لحسن النوايا" زيارة متحف الهولوكوست (وهي محارق هتلر ضد اليهود في الحرب العالمية الثانية)!.
في أكتوبر 2009 وقع زعماء اليهود وقادة من فروع الإخوان في الولايات المتحدة رسالة مفتوحة للسياسيين والكتّاب المسلمين في العالم الإسلامي "يطالبون فيها بأن لا يستخدموا في خطاباتهم العامة التشبيهات والتعبيرات المجازية التي تصم إسرائيل بالنازية، وإتباع أساليب الهولوكوست ضد الفلسطينيين".
"لكن المشهد الأكثر إثارة فوق كل ما سبق، كان رحلة نظمتها وزارة الخارجية الأمريكية إلى معسكرات الاعتقال النازية لليهود في داخاو بألمانيا وأوشيفتز في بولندا، وشارك في الرحلة ثمانية من زعماء الاخوان المسلمين في الولايات المتحدة، وكان يقود الوفد الزائر السيدة حنا روزنتال مبعوثة الرئيس الأمريكي". وقد عقبت السيدة روزنتال على هذه الزيارة بأنها "شاهدت انهيارهم (تقصد المسلمين) بنفسي، مثلما شاهدوا انهياري لأنهم كانوا يعلمون أن داخاو تضم رفات جميع أفراد عائلتي الذين قضوا في المحرقة".
ويعقب المؤلف: "من هنا سوف يتذكر الفلسطينيين، ودير ياسين، وعيلبون، وصابرا، وشاتيلا، والخليل،..إلخ؟؟. لقد خلا بيان الزيارة هذه المرة من أية إشارة إليهم، ولو من باب المطالبة بالأماني المشروعة للشعب الفلسطيني ذرا للرماد في عيون بقية المسلمين الذين لم يكونوا في العير ولا في النفير أيام داخو وأوشفيتز".
في 12 نوفمبر 2010 يتم توسيع إتفاق التوأمة بين مساجد الإخوان ومعابد اليهود لتشمل أمريكا اللاتينية وينجح "توني بلير" في إجلاس إخوان مسلمين ليس مع حاخامات يهود فقط بل مع حاخام إسرائيلي هو "ديفيد روزين".
وهكذا يدخل عام 2011 – عام الثورة المصرية – وقد توثقت عرى "الارتباط البناء" ووضعت اسس الشراكة الأمريكية الصهيونية الإخوانية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. لتتوالى فصول الارتباط البناء، لكن هذه المرة، على الأرض المصرية والعربية.

- يتبع -
— with Haitham Elnassry and 49 others.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق