الهلالية فى مصر " 2 "
فلما فرغت الجازية من إنشادها ، أطرب الفرنند
من غنائها ونظمها وشرب الكاس عن اسمها وهويتأمل فى جمالها وبياض جسمها ، ثم أمر
قشمر أن يملى له كأسا أخر فملاه وناوله أياه فأخذه وتقدم وطفا بنت الأمير دياب
وقال غنى على هذا الكاس يابنت الأمير دياب ، غنى على هذا الكاس يابنت الأمجاد ،
فجعلت تغنى وتقول
تقول وطفا فؤادى اكتوى ... بدمع جرى فوق الحدود غزار
يأمير مصر اشرب واسكر بالهنا ... وانظر بنات تشبه الأقمار
حتى اذا ماوصل ملك مصر
الى أقصى نشوته ، وضعوا له العقاقير حتى ينام ، وأخرجوا الفرسان من صناديقهم التى
كانوا يختبؤن بها ، بحسب الحيله الطرواديه الشهيرة فى حصان طرواده ، ودارت المعركة داخل مخدع الفرمند نفسه
، الا أن الحيلة فى هده المرة لم تاتى فعلها السريع ، فأمدت الحرب بين
الهلالية والفرمند وابن أخته محمود ، الى
ان قتل ابوزيد الهلالى الامير محمود ، وسقطت مصر فى قبضة الهلالية الدخلاء .
وتستطرد السيرة فى تقديم المعلومات عن
المصريين وطبائعهم ، وتذكر بناء مسجد السلطان حسن الهلالى الذى بناه ويوجد فى مصر
حتى الان باسم مسجد السلطان حسن
وتقول السيرة .. فلما رأى المصرييون تلك الاحوال خابت منهم الآمال وأيقنت
الهلاك والويل واجتهدت ان تخلص جثة مليكها فما قدرت وقد أهالها ما رأت وأبصرت
وامحلت عزائمها وتأخرت واشتد عليها الحصر وخاب امالها فى النصر ورجعت وطالت مصر
وهى على أسوء حال لا تعرف اليمين من الشمال فتبعتهم بنى هلال على الاقدام وفى
مقدمتهم ابوزيد ودياب وزيدان شيخ الشباب وحكموا فيهم ضرب السيف القرضاب على
الاجسام والرقاب حتى دخلوا البلاد وهم فى حالة الذل والنكد فلما رأت أكابر المدينه
والاعيان ما جرى وان الفرمند شرب كاس الهوان وما خرجوا الا عند السلطان حسن ابن سرحان
وطلبوا منه العفو والأمان فأجبهم على هذا الشان وأوصى الابطال والفرسان لا ينهبوا
من امتعتة المدينه الرخيص ولا الثمين بل يكونوا فى هدوء واحتشام إكراما لمزارت
الاولياء ومقامات العلماء العظماء ، وكان للفرمند ولد مقتدر اسمه الامير منذر
فاحضر له قبله بين عينيه ثم ولاه مكان
ابيه بحضور اكابر البلد والذوات والعمد بعد ان أوصاه بحسن الخلق ويتخلق أخلاق
الملوك ثم قامت الأفراح وذالت الهموم ، وكان السلطان حسن قد استحسن مصر كل
الاستحسان لكبرها وحسن مبانيها فصمم ان يبنى له على اسمه جامعا ليكون زكرى له على
طول طول الزمان فامر البنايين والمهندسين ببناء الجامع المذكور .
وللحديث
بقية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق