الثلاثاء، 23 يونيو 2009

صاحب أحزان يحكي عن أحزان شوقي عبدالحكيم: أعاني من الاضطهاد

منذ ما يزيد على أربعين عاما وهذا الرجل لا يتوقف عن الابداع,, انه مثل نهر جبلي يتدفق هنا وهناك,, فهو كاتب مسرحي من الطراز الأول كرّمه المسرح التجريبي في إحدى دوراته وروائي عرض له التلفزيون بعض أعماله الروائية في مسلسلات غير ان الجانب الأثير لديه دائما هو بحثه الدؤوب وتنقيبه المستمر في التراث الشعبي، لينتج حوالي خمسة وأربعين كتابا كلها تؤكد عمق معرفته وثراء تجربته.
التقت به الجزيرة في حديث شجون العمر حول الكتاب والمعتقل والتراث والهجرة والتقدير الأدبي لمثقف تجاوز الستين ولايزال يواصل العطاء.
المداحين والمغنواتية
* كيف بدأ اهتمامك بالأدب الشعبي ,,, ؟
عندما كنت طالبا صغيرا في قريتي بمحافظة الفيوم جنوب مصر كنت استمع إلى المداحين والندابات والمغنواتية، ثم قررت ان اجمع تلك النصوص الشفوية التي تتصل بالدورة الثلاثية الولادة الزواج الموت حيث ينشط خلال تلك الدورة الأدب الشعبي بأشكاله المختلفة فنجد حلقات الذكر والموالد والأفراح والاحتفال بالحصاد وغير ذلك.
وهذا كان قبل معرفة التلفزيون حتى الراديو لم يكن منتشرا آنذاك، فكانت هذه الفنون هي البدائل المتاحة للناس، وهي تمثل ثقافتهم عموما.
* ولماذا اخترت مجال الأدب الشعبي دون غيره؟
هو لا يسمى الأدب الشعبي,, انما اسميه الفلكلور او الثقافات المتبقية الشعبية,, ولم يكن لي اختيار ولا يحزنون، فالأمر كان هواية طبيعية لازمتني منذ الصغر.
* كان كتاب أدب الفلاحين هو باكورة أعمالك في سنة 1957م فما قصة هذا الكتاب,, ولماذا جاءت المقدمة بقلم العالم الجليل مصطفى مشرفة؟
كتابي أدب الفلاحين كان أول أعمالي، وأذكر قصته ببساطة,, في أعقاب ثورة يوليو كان يوسف إدريس يصدر مجموعة قصصية اسمها ليس كذلك وطلب مني ان ارسم رسومات هذه المجموعة حيث كانت لدي هواية الرسم أيضا ثم قدمني للعالم الجليل الدكتور مصطفى مشرفة الذي كان يمتلك دارا للنشر في ميدان سليمان باشا بوسط القاهرة، فانتهزت الفرصة وقدمت له النصوص التي جمعتها وأعددتها تحت عنوان أدب الفلاحين فسألني: هل تكفي لكتاب؟ فقلت: نعم، فأخذها لينشرها وطلبت منه ان يكتب لي المقدمة ففعل، ونشر الكتاب ولقي استحسان الكثيرين من الشعراء الشعبيين آنذاك أمثال صلاح جاهين وعبدالرحمن الأبنودي وغيرهما.
وقد ضمنت هذا الكتاب عددا من القصص الشعبية منها حسن ونعيمة وشفيقة ومتولي وهي القصص التي أعدت كتابتها فيما بعد في صورة مسرحيات واخرجها كبار المخرجين في الستينات أمثال كرم مطاوع وسمير العصفوري.
* طوال هذا المشوار الذي يزيد عن اربعين عاما تنوع إنتاجك ما بين الدراسات والمقالات والمسرحيات والروايات,, فما هو الخيط الذي يربط بين كل هذه الأشكال؟
لا يوجد خيط يربط بينها سوى ان معظمها مستوحى من التراث الشعبي السائد الذي كان بديلا عن المسلسلات التلفزيونية آنذاك، ورغم حضوره القوي في القرى والنجوع لم يفكر احد في جمعه ودراسته واستلهامه، وان كنت أنا قد استلهمت أغلب إنتاجي من هذا التراث إلا ان لي بعض الأعمال لم استوحها من التراث الشعبي مثل مسرحية خوفو هذا الهرم الضخم الذي في أحسن حالاته ليس سوى مقبرة وأيضا دليل على السخرة وعلى الجهد الكبير,, ومن تلك الزاوية استوحيته في مسرحية تحمل نفس الاسم.
الهجرة والإبداع
* رغم بدايتك الناجحة إلا انك اتخذت قرارا بالهجرة في السبعينيات وعشت عدة سنوات في بيروت وفي لندن,, فما قصة هذه المعجزة؟
سافرت إلى لندن في أواخر السبعينيات وعشت بها حوالي ثماني سنوات أعمل بأنشطة ثقافية مختلفة في الصحف والمجلات وال
B.B.C مثل سائر المهاجرين، وفي بيروت نشرت معظم كتبي هناك وقد حاولت ان اترجمها إلى الإنجليزية أثناء اقامتي في لندن، لكن لم اوفق لاحتياجي إلى مساندة مالية فوق طاقتي.
وقد استفدت كثيرا من تواجدي بلندن حيث هناك مؤسسات كثيرة عن الاستعمار والاستشراق,, كما توجد مخطوطات كثيرة تهم البلدان التي استعمرتها إنجلترا، حيث جمعوا هذه المخطوطات وارشفوها واودعوها في المكتبات الكبرى لديهم.
* وماذا عن فترة تواجدك في بيروت؟
لقد شاهدت بيروت أثناء فترة الاحتلال الإسرائيلي لها ورأيت بنفسي كيف كانت المدينة محاصرة والامدادات مقطوعة فلا توجد مياه او دواء، وهناك معارك ضارية في بيروت الشرقية بجانب المآسي في صبرا وشاتيلا والخروج الفلسطيني وقد حاولت التعبير عن كل هذا بشكل موضوعي من خلال رواية بيروت البكاء ليلا وقد ترجمت إلى عدة لغات.
أسباب التجاهل
* بعد عودتك من لندن وبيروت واستقرارك بالقاهرة ورغم عشرات الكتب والمقالات التي انتجتها طوال اربعين عاما,, هل تشعر بالتجاهل,, وهل ترى انك احق من غيرك بجوائز الدولة؟
انا كاتب كبير وان كنت أعاني من الاضطهاد او التعمية، ممن هم أدنى في المستوى اولئك الذين يقبضون على زمام الحياة الثقافية، وبالتالي فإن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة، وفي النهاية لا تعنيني جوائز الدولة ولا حتى جائزة نوبل, فهذه تفاهات لا تعنيني في شيء بل يعنيني فحسب ان اعبر عن روح الشعب وهمومه وان احمل تراثه المغمور حتى يرى النور.
* وما هو التكريم الذي تذكره بالخير؟
كرمت من جهات مختلفة لكنني اعتز بتكريم المهرجان التجريبي لي في دورته الخامسة بالقاهرة مع الفنان الراحل عبدالله غيث واعتبر المهرجان التجريبي هو الإنجاز المنظور لي والذي ستظل اصداؤه تتردد دائما وربما يكون هذا صحيحا في مجمله ولا يسعني إلا ان أشكر من يتذكرني.

شريف صالح





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق