- الزاويا الخضرا
هكذا كنت أقرأ لافتتها على الطريق الترابى.. كان ينام تراب طريقها تحت زخات الماء الذى كانت ترشه عربات رش المياه فى ذلك الزمن الذى تربينا فيه، لكى نعيش الآن فى تذكّره بكل حسرة وكمد.!!
وهى قرية صغيرة تتبع مركز سنورس بمحافظة الفيوم التى كانت تفهم أن الدين هو العدل، لذلك كانت الفيوم يسارية مع تدينها الشديد. ربما لأنها من المحافظات الفقيرة مع ارتفاع نسبة التعليم فيها. حلّل الأخ عماد دم المحافظة فى مقال له بالأمس، ليعرّفنا كيف تحولت هذه المحافظة إلى التخلى عن التصويت لأى رمز من رموز الثورة.!
فى جوف إحدى الليالى، كانت إحدى سيارات البوليس البوكس تسير بزوار الفجر إلى قسم شرطة المركز، ومعهم أحد رجال الإخوان الذى قبضوا عليه من هذه القرية. طوال الطريق، كان يحاول الرجل عبثا إقناع المخبرين الماسكين بخناقه بأنه ليس من الإخوان. وكان أن ظهر فجأة من يعبر الطريق من خلف السيارة، فواتته فكرية ذكية: نادى على الرجل فى هستيريا مازحة وهو يسب دينه (يا فلان يا ابن دين...) وعلى الفور، انطلت الحيلة على أحد المخبرين، فخبط على جانب صندوق السيارة، وما أن توقفت، حتى قال للإخوانجى (الملتحى): "انزل يا ابن دين...".!
قد ترى أنت فى إقدام ذلك الإخوانجى على سب الدين حيلة وتقية للخروج من المحنة. لكنى أراها عدم ممانعة، وتلونا يصبغ سلوك هذه الجماعة. هذا التلون هو الذى يفقدهم ثقتنا فيهم. لأن التلون لا يكون إلا للانتهازيين. والانتهازية هى التى جعلتهم يلحقون بالثوار فى الميدان، ثم هى التى جعلتهم يهرولون لعقد صفقتهم المشينة مع عمر سليمان، فيتركوا الميدان وظهر الثوار إلى الحائط. صعدوا بصفقتهم وببيع الجنة للمستفتين على تعديلات الدستور فى مارس 2011 إلى مجلس الشعب. وغضوا الطرف عن المادة 28 التى تعطى حصانة مضحكة للجنة الانتخابات لثقتهم فى أن الرئيس لن يكون إلا منهم هم، ليجمعوا إليه مناصب رئيس الجمهورية والحكومة والبرلمان، ولا يتبقى بعد ذلك إلا أن يكّوشوا على رئاسة دورات المياه العمومية، حتى لا يدخل بعد ذلك أى أحد لقضاء حاجته إلا بعد إذنهم.!
أرجو ألا يخلط أحدنا بين "التقية" ، وخُدعة الحرب، فرسولن الكريم حينما قال: "الحرب خُدعة" كان يقصد أن تكون على العدو ولتضليل العدو، لا أن تكون علينا نحن، ولتضليلنا نحن.!
ولا نبالغ إذا قلنا، أن هذه الانتهازية منهم، كانت على جانب كبير من الخطورة، بحيث أنها قد تكون هى التى غيرت وجه التاريخ فى مصر، وقد تكون هى أحد مسببات ما نحن فيه الآن. فلقد حاولوا أيضا أن يركبوا موجة الثورة الناصرية، ونازعوا ناصر فى توجهاتها، وأرادوا أن يتسحوذوا عليها، فكان الصراع الدامى المعروف بينه وبينهم.!
الآن، ينحشر الإخوان ومعهم الثورة فى الزاوية. لكنها ليست خضراء. ينحشر مرشحهم فيها، ولا يريد برغم ذلك أن يتخلى عن تلونه، برغم أن تخليه عن هذا التلون هو السبيل الأوحد لإخراجه من هذه الزاوية المقيتة. مخ ناشف، وغرور مقيت يأبيان عليه ذلك، برغم علمه بحجم المنافس له وبعناصر القوى المساندة له.!
وأعجب ممن أشار عليه بهذه الحيلة التى طرحها فى مؤتمره الصحفى ظهر اليوم.!.. فهو يريد أن يجذب إليه أصوات مؤيدى المرشحين من رموز الثورة الذين خرجوا من سباق الرئاسة بتعيينهم نوابا له. يعدهم بذلك شفاهة دون ضمانات مكتوبة. يريدهم مستشارين وناصحين له.. ويعد بأن يكون رئيس الوزراء ليس من الإخوان حتى وضع الدستور. فتأمل ما يرمى هو إليه.!
وأنا سأعين نفسى ـ فى هذا المقال ـ ناصحا له، طالما أنه لا يستنكف النصح والإرشاد:
• يا سيادة الرئيس القادم ـ وأنا أفضلك على شفيق بأى مقياسٍ من المقاييس ـ التفاعل بين الرئيس ونوابه لا يكون عبر النصح والإرشاد.. أنت هنا لست عمر بن عبد العزيز، ولا ينفع مع روح العصر أن تبحث عن الحسن البصرى ليرسل لك نصحا من كلمتين. فاخرج من كتب التراث وثقافته.. أنت الآن رئيسا لمصر فى عصر غير العصر، وآليات حكم غير تلك الآليات، وتحديات غير تلك التحديات. عمر بن عبد العزيز وقتما كان يسأل عن النصح كان هو سيد الأرض.. كان هو "أوباما" ذلك العصر. كان يحتار فيما ينفق أموال الدولة، فكان يزوج من لم يتزوج بعد. وأنت لا يكفيك النصح، كأن يقال لك مثلا: "حصنها بالعدل".!.. فلابد من اتباعه بكيف.؟ كيف تعيد توزيع الثروة وأنت لا تتطلع إلى حد الأجور الأدنى بأكثر من 700 جنيه، وكيف وأنت تنحاز للإغنياء بعدم أخذك بمبدأ الضريبة التصاعدية. وكيف ستحقق العدل وأنت تستبدل ديكتاتورية الحزب الوطنى بديكتاتورية الإخوان. فيما هو الفرق بينك وبينهم إذاً.؟
• يا سيادة الرئيس القادم، إعلن للناس الآن دعوتك لمرشحى الثورة لأن يشاركونك فى مجلس رئاسى ، على غِرار مجلس السوفييت الأعلى ـ لا تستعذ بالله ـ فهذا المجلس هو الذى كان يقود الإتحاد السوفييتى إلى مركز القوة العظمى الثانية، وانفك وانهار ذلك الإتحاد مع تسلط جورباتشوف.. مجلسا يعبر عن ألوان طيف الأمة، ويكون القرار فيه بالأغلبية مثلا . بهذا تعرّف الناس بروح الإسلام الحقة، وبهذا تؤئر مصلحة الأمة على مصلحة الجماعة، وتسترد للجماعة ثقة الناس فيها ثانية. فهل تفعل.؟
• ودعنى أسرُّ لك ما يجيش فى داخل نفسى.. لم أراك دائما ـ وأنت الذى أقمت طويلا فى أمريكا ـ متجهما هكذا وكأنك لم يزل بداخلك جلبابا.؟ لم.؟ إنى أعلم بأن الكارزيما هبة من الله، لكن كيف لم تجهد نفسك في تعلم كيفية الجماهير. نحن نتحمل ظل بعض خطباء الجمعة الثقيل، لأنها ساعة وستنفض، لكن بالله عليك كيف سنتحمل خطابا لك إن دام لمدة ساعة. هل تريدنا أن ننصرف عنك مثلما كنا ننصرف عن خُطب مبارك.؟.. أسر لك بهذا لأنك آثرت ألا تخرج إلى الناس إلا باسم الإسلام، وإن كان غير ذلك، لهان الأمر يا سيدى الرئيس (قل يا رب).
• لماذا لم تعتذر للناس حتى الآن عن ترككم للثوار فى الميدان، وعن إحجامكم ثم إقدامكم، وعن نقوصكم عما وعدتم. وعما تسببتم فيه من ترسّخ المادة 28 .؟
• أين تقف من دم شهداء الثورة.؟
• لماذا تقبل بتقلد سلطة الرئيس بتزييف إرادة الناخبين وشراء أصواتهم بزجاجات الزيت والسكر.؟
• أنصحك بالنزول إلى الميدان كتفا بكتف خالد على، مطالبا بإعادة الانتخابات لأنك ترفض الانتهازية، وترفض التزييف، ولأن صورة الإسلام أحبّ إليك من الرئاسة ومن الجماعة ومن الدنيا بأسرها.. وبأنكم لم تكونوا تقضون أعماركم فى المعتقلات من أجل أن ينتهى بكم المطاف إلى خسران ثقة الناس فيكم وإلى أن تفقدوا قرابة 4 مليون صوت فى ظرف أربعة شهور فقط.!
• ............
• ...........
• ..........
• بهذا تخرج نفسك من محنة الزاويا دون أن تضطر إلى ما اضطر إليه ذلك الإخوانجى المشار إليه بعاليه.. والسلام عليكم ورحمة اللهالفيوم بنى سويف رايح جاى ..كتب عماد هلالمن الفيوم الى بنى سويف.. ياقلبى لا تحزن ..!وتظل نتائج الانتخابات تدل دلاله بينه أن المحافظتين اللتين تعانى من الفقر والجهلمرتع للتيارات الدينية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين ، فبجمع الأصواتفى انتخابات الرئاسة الأخيرة نجد أن المحافظتين قد قدموا الفارق للمرشح محمد مرسى ممثل الأخوان المسلمين ومن ييليه فى هذه الانتخابات.وللقصة بدايات حيث كانت الفيوم تقود حركة التنوير واليسار فى الصعيد من خلال رجل عظيم أعطى عمره وماله وجهده لها مع طليعة عظيمه من رجال تنويريين ، الا أن أمن الدوله فى ذلك الوقت شعر بالخطر منه فعمل بكل جهد للتضييق عليه وعلى أعضاء حزبه بشكل واضح وصريح ، ظل يطاردهم ويقبض عليهم لا يتيح لهم أى فرصه للعمل السياسى حتى أن الرجل كان يتندر أنهم يحققون معنا ان عزمنا ضيف على طبيخه حمره وخضره .. وعلى الجانب الأخر ظل الرجل واقف فى وجههم صامدا كشجرة الصبار يقاوم مايعرض عليه من مناصب كبرى ويضرب المثل لأبنائه ومحبيه فى العطاء دون مقابل .وعندما لم يستطيعوا معه حل لإيمانه بمبادئه استعان أمن الدولة بأحد أبنائه الذى رباه على يده وأعطاه من ماله وجهده ودفعوا به ليخوض ضده انتخابات مجلس الشعب وحرضوه أن يسبه ويتهمه بالكفر والشيوعية علنا وفى تجمعاتهم لتكون طعنه قاتله فى ظهر الرجل الذى كان يعامله كأحد أبنائه وفرد من الأسرةأحس الرجل بالضربة الموجعة وظلت فى جوفه لا يستطيع أن يتجرعها حيث كان رقيق الحس والمشاعر الى أن قابل وجه ربه بها ، يكره أن يذكره أحد بها حتى أنه فى أخر عمره كان يفر منها فى منتصف اليالى ليهرب من ذكراها .وعلى أثر هذ الضربة الموجعة القاسمة للرجل وللفصيل التقدمى فى المحافظة بل وبعض محافظات الصعيد التى ظل الرجل على اتصال بهم دون انقطاع ليعينهم ويقدم لهم الكوادر ..انفتح الطريق لعمل جماعة الإخوان ليغرد منفردا دون معوقات وتحولت المحافظة كمرتع لهذه الجماعة تحت أعين أمن الدولة و اعتقاد منها فى سيطرتها على الأمر .احتلت الجماعة جامعة بالفيوم لتجنيد الطلبة والدفع بكوادرها من مدرسين بحجة إتمام الدراسة الجامعية حين كان الغرض الاساسى تجنيد الطلبة والطالبات.. فيتم القبض على أى يسارى أو ناصرى يعمل أى فاعليه من قبل أمن الجامعة وأمن الدولة وترك المجال الحيوى لأفراد جماعة الإخوان المسلمين وغض البصر عنهم حيث كانوا تحت السيطرة .. لا يواجهوهم الا عند التظاهر خارج سور الجامعةواستولوا على المساجد مع إتاحة الفرصة لهم لجمع الأموال من التجارة فى العملات الأجنبية خاصة الدولار رغم تجريم العمل به فى ذلك الوقت .يحدث هذا حينها وغيره تحت سمع وبصر أمن الدولة بالفيوم حيث كان يذهب إليهم مستحقاتهم المادية من هذه التجارة الرائجة من عملات وذهب ناهيك عن عقد الصفاقات بين نظام مبارك والأخوان على أعلى مستوى وقد كانت الفيوم من المحافظات التى يتم عقد الصفاقات عليها .أما بنى سويف فربما لها طريقة أخرى قد تتشابه أو تختلف لكن النتيجة واحدهفحين تحررت محافظات مثل الإسكندرية والشرقية من هذا الاتجاه بعد الثورةنظرا لارتفاع مستوى التعليم والدخل والثقافة هناك عن الصعيد.فهل ترى محافظات الصعيد كسر لهذا الحصار قريبا ، أم تظل زجاجة الزيت وكيس السكر هى أمل الناخب للإدلاء بصوته ؟
الأربعاء، 30 مايو 2012
السبت، 19 مايو 2012
مهداه من الكاتب والروائى على عبد الباقى الى صفحة شوقى عبد الحكيم
Osama Ali Aliposted toEmad Helal
روح الأستاذ.!
كانت تهيمن على ذلك البيت روح ذلك الأب ذو الجسد الضئيل النحيل فى جلبابه الغامق، وبعصاه ـ التى ما يزال يحتفظ بها عماد مُعلقةً على أجد جدران شقته ـ وسيجارته التى لم تكن تفارق أصبعيه أبداً إلا إلى شفتيه. غالبا ما كنت أراه يمشى وحيدا بمشيته الوئيدة مستغرقا فى أفكاره عما حوله فى الشارع.
وفى غبشة المساء كنت أراه مضطجعا فى وحدته أمام بيته الجديد.. كنت أمر به دون أن ألقى عليه السلام. كنت أشعر أنه يتابعنى بنظره، فلا بد أنه يعرف أنى صديق لابنه بهاء، وقد يكون قد هُيئ له أنه رآنى ذات مرة فى بيته. لماذا يتابعنى بنظره هكذا.؟ ألأنى لم ألقى عليه السلام. وكنت أنا ـ وما زلت ـ لا أحب إزعاج الآخرين بأى تحية ولا بأى سلام، وكنت متيقنا أن التحيات والسلامات المتوالى القائها عليه من المارين به حتما ولا بد أنها تصيبه بالضجر. وأنه الآن قد يكون نادما على الخروج بحدود بيته الذى كان دارا جميلة بذلك الفناء الأمامى الذى كان تتوسطة شجرة ناشرة أذرعها فى كل اتجاه.
كانت الدار بطلائها اللبنى تفتح إلى جهة الشرق متخلفة عن ضجيج الشارع بخطوات. الآن صارت بيتا حديثا وتحول جانبها الأيسر إلى واجهة بحرية زحفت إلى حد الشارع بعدما اقتطع الشجرة الجميلة.. والآن صارت جلسة الأب على نهر الشارع قبالة الحديقة المتدرجة لحى الملاّحة التى أنشأها كصورة مصغرة لحدائق بابل المعلقة حسبما كان يحلو لى أن أسميها فى ذلك الزمن الجميل.! فلم أشعر بوخزات نظراته فى ظهرى هكذا وهو الذى كان اختار لجلسته أن تكون هاهنا.!؟
لكم كنت أمر بتلك الدار عصرا وبشجرتها العجوز عندما كنت أهرع خارجا لمّا كانت طبول فرقة أحمد جعفر تدق فى أركان قلبى دقا.. كانت تشدنى مزيكة أحمد جعفر بضربات طبولة العميقة، وبآلاته النحاسية التى كانت ترجنى رجا. كنت أسرع للفرجة،فإذا بى أمام فرقة منظمة من صفين فى بزلاتهم الكاكية، ولها قائد فنان تتحس أصابعه آلة رفيعة سوداء فى مواضع معينة من جسدها فتتأوه بين يديه بآهات رفيعة عذبة تتدحرج على أنغامها موكب عجلات العربات الكارو المحملة بـ "عفش" العروس الذاهب فى زفته تلك إلى بيت العريس. كانت مواكب الزفاف تلك مدهشة. جذابة. وغريبةً علىّ أنا الوافد المستجد على بلدة سنورس. كانت مواكب لأفراح، يُقام فيها الفرح الواحد لأيام وليالٍ.. كانت أفراح لشعب حدد طريق نهضته، واطمأن لسير عجلات تنميته حسب خطة محكمة، فتفرغ لإقامة أفراحه ولياليه الملاح على هذا المنوال.
فى بيئة جميلة كتلك كانت نشأة كاتبنا شوقى عبد الحكيم. لكن أين هو.؟ لماذا أسمع به هكذا ولا أراه.؟ كانت الإجابة تأتينى غائمة، وكان يدور همس هنا أو هناك. إنه فى المعتقل لأنه من المعارضين لجمال. لا أذكر أبدا أن أحداً من أشقاءه افتخر بكونه كاتبا يدفع ثمن معارضته من حريته على يد حاكم مستبد. الآن كلهم يتباهون بأرصدة سجنهم فى المعتقلات وهم يتبارون فى مضمار رئاسة الجمهورية. قرأت ذات مرة أن من كان يُطلق عليهم "زوار الفجر" طرقوا باب أستاذنا لويس عوض، لما فتح وعرفهم قال لهم: "لا بد أنكم تريدون الأستاذ شوقى.. شقته فوق". وأشار إلى أعلى.!
ولا أذكر ـ هل من بهاء أم من عماد ـ أنى عرفت أن الأستاذ شوقى كان يطيب له، هو الآخر،أن يجلس ـ مثلى ـ هناك فى تلك الأحراش المنزوية إلى جانب ملعب كرة القدم بمدرستنا الثانوية التى كان قد تخرج هو فيها أيضا مثلنا. وكان أن رأيته ذات مرة بمفرده فى الملاحة.. كان يسير بوجهه الأحمر متجهما. غير ملتفت لأى أحد. رفعت وجهى إليه، وقعد بى صغر سنى على أن أسلم عليه.!
رأيته مرة أخرى فى ذات المكان من حى الملاحة وبجواره من كان فى مثل حجمه. إنه هو. فمن ذاك.؟ عرفت من عماد ـ فيما بعد ـ أنه كان أديبنا القاص صبرى موسى وقد جاء فى اصطحاب ( شوقى ـ هكذا يسميه عماد) فى زيارة قصيرة لبلدتنا. الذى أعجب له الآن أنى تكلمت معه عبر التليفون بعد ذلك بسنوات دون سابق معرفة.! .. كان ذلك وقتما تحادثنا أنا وعماد بشأن حيرتى عما يكون المصدر الذى نشترى منه عينة قصص الأطفال الإسرائيلية اللازمة لبحث دراسة الماجستير التى كانت تعدها زوجتى حينذاك. كان لطيفا. مهذبا. معجبا بموضوع البحث. متعاطفا معنا.. ومع ذلك لم أذهب إليه، برغم أننا كنا فى أمس الحاجة لأى مساعدة. أنا نادم الآن على عدم انتهاز الفرصة وقتها للقاءه بأكثر من ندمى على قضاء حاجتى على يديه؟ ..فلمَ لم أذهبْ.!؟ .. سينتابنى نفس الندم لعدم السلام على صلاح جاهين فى ذلك الصباح الذى وجدته فجأة أمامى فى إحدى طرقات حديقة الحيوانات.!.. تشاجر مع مخرجنا حسن الإمام أمام أمريكين عماد الدين عندما سألته: متى سنرى فيلما له فى مستوى أفلام الثلاثية.؟ .. ولمَ لمْ أدع نفسى تسمع منه ما سمعته من شكاية ممثلنا الكبير عبد الغفار عودة: "تصور أنه قال لى شكلك مش غريب علىّ وأنا أكلمه فى فى لقاء المثقفين والفنانين به فى معرض الكتاب. رئيس دولة ولا يعرفنى أنا.. ده يبقى إيه ده.!؟
"أُمال احنا هنا ليه بقى".! جملة قالها محمد منير فى فيلم حدوته مصرية من خلف قضبان المعتقل. جملة تلخص لنا ذلك الخصام والخلاف الذى لم يكن له أى داعٍ بين طليعة المثقفين وناصر. لم يفهموه. نظروا إليه كفاشستى، فلمّا أن أمم ولمّا أن ظهر لهم انحيازه بوضوح للجماهير، ولمّا أن أقام القطاع العام، وافتتح فى كل يوم مدرسة بجوار مصنع. لما كان هو البطل والزعيم، كان الوقت قد فات لكى ينضووا تحت رايته. خرجوا من معتقلهم وقد أثخنت جراح النكسة جسد الأمة. وفى حين هبّ هو واقفا، تعاوده مِشية الفهد (بتعبير هيكل) إذا بهم وقد انهمكوا فى لطم الخدود، وما يزالون.!.. وراحت فرصة لمْ الشمل، فى حين انصرف هو لبناء الجيش الذى سيعبر بنا إلى نصر منقوص فى أكتوبر.. نظر الرئيس السادات وقتئذٍ، فَسَهُلَ عليه الانقضاض على منجزات عبد الناصر التى كانت فى غير حراسها الطبيعيين من زمرة هؤلاء المثقفين العظام.!
كان الأستاذ شوقى واحدا من هؤلاء الساكنين فى أبراجهم العاجية، برغم أن كتاباته كانت من عمق بئر الناس الذين التحف بهم فى كل كتاباته ودراساته فى الفولكولور أو فى الأنثروبولوجيا من بعد، كانت كذلك منذ أن كان يجوب العِزب والنجوع والقرى وبيده ريكوردر يسجل عليه حكاوى التراث والعقل الجمعى الكامن فى الناس.!
سألت عماد، وكان ذلك فى أواخر أيام الأستاذ شوقى: هل الأستاذ شوقى مريض.؟ فأجاب بنعم، ثم استدرك مندهشا: ولكن كيف عرفت.؟ فقلت له: لكأن هذه المقالات التى ينشرها فى الأهرام لا يكتبها بخط يده. فأجاب ـ لدهشتى أنا فى هذه المرة ـ نعم.. هو بالفعل يُملل ما يكتب على آخرين بسبب مرضه. نعم كان يُملل ما يكتب، وصار يُملل علينا الآن محبته واحترامه.
كانت تهيمن على ذلك البيت روح ذلك الأب ذو الجسد الضئيل النحيل فى جلبابه الغامق، وبعصاه ـ التى ما يزال يحتفظ بها عماد مُعلقةً على أجد جدران شقته ـ وسيجارته التى لم تكن تفارق أصبعيه أبداً إلا إلى شفتيه. غالبا ما كنت أراه يمشى وحيدا بمشيته الوئيدة مستغرقا فى أفكاره عما حوله فى الشارع.
وفى غبشة المساء كنت أراه مضطجعا فى وحدته أمام بيته الجديد.. كنت أمر به دون أن ألقى عليه السلام. كنت أشعر أنه يتابعنى بنظره، فلا بد أنه يعرف أنى صديق لابنه بهاء، وقد يكون قد هُيئ له أنه رآنى ذات مرة فى بيته. لماذا يتابعنى بنظره هكذا.؟ ألأنى لم ألقى عليه السلام. وكنت أنا ـ وما زلت ـ لا أحب إزعاج الآخرين بأى تحية ولا بأى سلام، وكنت متيقنا أن التحيات والسلامات المتوالى القائها عليه من المارين به حتما ولا بد أنها تصيبه بالضجر. وأنه الآن قد يكون نادما على الخروج بحدود بيته الذى كان دارا جميلة بذلك الفناء الأمامى الذى كان تتوسطة شجرة ناشرة أذرعها فى كل اتجاه.
كانت الدار بطلائها اللبنى تفتح إلى جهة الشرق متخلفة عن ضجيج الشارع بخطوات. الآن صارت بيتا حديثا وتحول جانبها الأيسر إلى واجهة بحرية زحفت إلى حد الشارع بعدما اقتطع الشجرة الجميلة.. والآن صارت جلسة الأب على نهر الشارع قبالة الحديقة المتدرجة لحى الملاّحة التى أنشأها كصورة مصغرة لحدائق بابل المعلقة حسبما كان يحلو لى أن أسميها فى ذلك الزمن الجميل.! فلم أشعر بوخزات نظراته فى ظهرى هكذا وهو الذى كان اختار لجلسته أن تكون هاهنا.!؟
لكم كنت أمر بتلك الدار عصرا وبشجرتها العجوز عندما كنت أهرع خارجا لمّا كانت طبول فرقة أحمد جعفر تدق فى أركان قلبى دقا.. كانت تشدنى مزيكة أحمد جعفر بضربات طبولة العميقة، وبآلاته النحاسية التى كانت ترجنى رجا. كنت أسرع للفرجة،فإذا بى أمام فرقة منظمة من صفين فى بزلاتهم الكاكية، ولها قائد فنان تتحس أصابعه آلة رفيعة سوداء فى مواضع معينة من جسدها فتتأوه بين يديه بآهات رفيعة عذبة تتدحرج على أنغامها موكب عجلات العربات الكارو المحملة بـ "عفش" العروس الذاهب فى زفته تلك إلى بيت العريس. كانت مواكب الزفاف تلك مدهشة. جذابة. وغريبةً علىّ أنا الوافد المستجد على بلدة سنورس. كانت مواكب لأفراح، يُقام فيها الفرح الواحد لأيام وليالٍ.. كانت أفراح لشعب حدد طريق نهضته، واطمأن لسير عجلات تنميته حسب خطة محكمة، فتفرغ لإقامة أفراحه ولياليه الملاح على هذا المنوال.
فى بيئة جميلة كتلك كانت نشأة كاتبنا شوقى عبد الحكيم. لكن أين هو.؟ لماذا أسمع به هكذا ولا أراه.؟ كانت الإجابة تأتينى غائمة، وكان يدور همس هنا أو هناك. إنه فى المعتقل لأنه من المعارضين لجمال. لا أذكر أبدا أن أحداً من أشقاءه افتخر بكونه كاتبا يدفع ثمن معارضته من حريته على يد حاكم مستبد. الآن كلهم يتباهون بأرصدة سجنهم فى المعتقلات وهم يتبارون فى مضمار رئاسة الجمهورية. قرأت ذات مرة أن من كان يُطلق عليهم "زوار الفجر" طرقوا باب أستاذنا لويس عوض، لما فتح وعرفهم قال لهم: "لا بد أنكم تريدون الأستاذ شوقى.. شقته فوق". وأشار إلى أعلى.!
ولا أذكر ـ هل من بهاء أم من عماد ـ أنى عرفت أن الأستاذ شوقى كان يطيب له، هو الآخر،أن يجلس ـ مثلى ـ هناك فى تلك الأحراش المنزوية إلى جانب ملعب كرة القدم بمدرستنا الثانوية التى كان قد تخرج هو فيها أيضا مثلنا. وكان أن رأيته ذات مرة بمفرده فى الملاحة.. كان يسير بوجهه الأحمر متجهما. غير ملتفت لأى أحد. رفعت وجهى إليه، وقعد بى صغر سنى على أن أسلم عليه.!
رأيته مرة أخرى فى ذات المكان من حى الملاحة وبجواره من كان فى مثل حجمه. إنه هو. فمن ذاك.؟ عرفت من عماد ـ فيما بعد ـ أنه كان أديبنا القاص صبرى موسى وقد جاء فى اصطحاب ( شوقى ـ هكذا يسميه عماد) فى زيارة قصيرة لبلدتنا. الذى أعجب له الآن أنى تكلمت معه عبر التليفون بعد ذلك بسنوات دون سابق معرفة.! .. كان ذلك وقتما تحادثنا أنا وعماد بشأن حيرتى عما يكون المصدر الذى نشترى منه عينة قصص الأطفال الإسرائيلية اللازمة لبحث دراسة الماجستير التى كانت تعدها زوجتى حينذاك. كان لطيفا. مهذبا. معجبا بموضوع البحث. متعاطفا معنا.. ومع ذلك لم أذهب إليه، برغم أننا كنا فى أمس الحاجة لأى مساعدة. أنا نادم الآن على عدم انتهاز الفرصة وقتها للقاءه بأكثر من ندمى على قضاء حاجتى على يديه؟ ..فلمَ لم أذهبْ.!؟ .. سينتابنى نفس الندم لعدم السلام على صلاح جاهين فى ذلك الصباح الذى وجدته فجأة أمامى فى إحدى طرقات حديقة الحيوانات.!.. تشاجر مع مخرجنا حسن الإمام أمام أمريكين عماد الدين عندما سألته: متى سنرى فيلما له فى مستوى أفلام الثلاثية.؟ .. ولمَ لمْ أدع نفسى تسمع منه ما سمعته من شكاية ممثلنا الكبير عبد الغفار عودة: "تصور أنه قال لى شكلك مش غريب علىّ وأنا أكلمه فى فى لقاء المثقفين والفنانين به فى معرض الكتاب. رئيس دولة ولا يعرفنى أنا.. ده يبقى إيه ده.!؟
"أُمال احنا هنا ليه بقى".! جملة قالها محمد منير فى فيلم حدوته مصرية من خلف قضبان المعتقل. جملة تلخص لنا ذلك الخصام والخلاف الذى لم يكن له أى داعٍ بين طليعة المثقفين وناصر. لم يفهموه. نظروا إليه كفاشستى، فلمّا أن أمم ولمّا أن ظهر لهم انحيازه بوضوح للجماهير، ولمّا أن أقام القطاع العام، وافتتح فى كل يوم مدرسة بجوار مصنع. لما كان هو البطل والزعيم، كان الوقت قد فات لكى ينضووا تحت رايته. خرجوا من معتقلهم وقد أثخنت جراح النكسة جسد الأمة. وفى حين هبّ هو واقفا، تعاوده مِشية الفهد (بتعبير هيكل) إذا بهم وقد انهمكوا فى لطم الخدود، وما يزالون.!.. وراحت فرصة لمْ الشمل، فى حين انصرف هو لبناء الجيش الذى سيعبر بنا إلى نصر منقوص فى أكتوبر.. نظر الرئيس السادات وقتئذٍ، فَسَهُلَ عليه الانقضاض على منجزات عبد الناصر التى كانت فى غير حراسها الطبيعيين من زمرة هؤلاء المثقفين العظام.!
كان الأستاذ شوقى واحدا من هؤلاء الساكنين فى أبراجهم العاجية، برغم أن كتاباته كانت من عمق بئر الناس الذين التحف بهم فى كل كتاباته ودراساته فى الفولكولور أو فى الأنثروبولوجيا من بعد، كانت كذلك منذ أن كان يجوب العِزب والنجوع والقرى وبيده ريكوردر يسجل عليه حكاوى التراث والعقل الجمعى الكامن فى الناس.!
سألت عماد، وكان ذلك فى أواخر أيام الأستاذ شوقى: هل الأستاذ شوقى مريض.؟ فأجاب بنعم، ثم استدرك مندهشا: ولكن كيف عرفت.؟ فقلت له: لكأن هذه المقالات التى ينشرها فى الأهرام لا يكتبها بخط يده. فأجاب ـ لدهشتى أنا فى هذه المرة ـ نعم.. هو بالفعل يُملل ما يكتب على آخرين بسبب مرضه. نعم كان يُملل ما يكتب، وصار يُملل علينا الآن محبته واحترامه.
الخميس، 17 مايو 2012
فساد العقل المصرى .. كتب عماد هلال
فساد العقل المصرى
بعد الحوار الرائع لقمم
من المبدعين مثل الفنان خالد يوسف والكاتب
بلال فضل وبينهم قامة فكريه مثل الكاتب محمد سلماوى .. مع محاور من نوعية خاصة مثل
يسرى فوده
بالرغم من أن هؤلاء العمالقة وحوارهم المهم جدا عن من
يرشحونهم وينتخبونهم من المرشحين للرئاسة
مثل المرشح عبد المنعم ابو الفتوح الذى يؤيده بلال فضل .. وحمدين صباحى يؤيده
خالد يوسف وعمر موسى يؤيده محمد سلماوى .. مع حفظ الألقاب لهم جميعا
شاهدت حوار من العيار
الثقيل وكل يقدر مرشحه ويدفعه الى الأمام من خلال أرائهم وعرض أفضل مافيهم بوضوح
وحجه قويه
الا انه وضح للجميع بعد سخونة الحوار ان كلا منهم أصابه ما
أصاب الإنسان المصرى البسيط .. فقد استطاع نظام حسنى مبارك ليس سرقة المال والأرض
والمعادن فقط لاغير ..ولكن استطاع بنجاح
منقطع النظير .. أن يفسد عقل ووجدان هذه الأمة المصرية
فلا يوجد فصيل سياسى واحد نجا من هذا الفساد ويجب ان نعترف بهذا
أولا إن أردنا الإصلاح
فلا اليساريين هم نفس
اليساريين قبل مبارك ولا الوفديين ولا الجماعات الاسلاميه بما فيها السلفيين و الإخوان
المسلمين .. الكل أصابه ما أصابه
أعود للحوار واندهش انه
بعد تطوره وسخونته لجئ كل من المحاورين الى
أسلوب " لا تعيرنى ولا عيارك الهم طايلنى وطيلك "
ان انتقدت المرشح ابو
الفتوح انه منتمى لجماعة الإخوان المسلمين .. رديت عليك وبسرعة أن مرشحك من الفلول
أو لم يتخلص بعد من ناصريته
وان ذكرت نقيصة لحمدين صباحى
ذكرت لك أحسن منها او أسوء عند أبو الفتوح أو عمرو موسى
قمة الطعن والمطالبة
بالاعتزاز وتحول الحوار الى تقطيع .. حين انه كان يجب أن نفهم
ليه بلال فضل اختار أبو
الفتوح ؟ وهو الذى لا يكف عن نقد وانتقاد التيارات الدينية فى مقالاته وتشهد عليه
المعصرة كل أربعاء فى جريدة الشروق
.. أو قآمه مثل الكاتب محمد سلماوى رئيس
اتحاد كتاب مصر – يانهار اسود - اختار عمرو موسى وهل اختياره شخصى أم انه يمثل
الاتحاد ؟
فحين انه من الطبيعى
اختيار الفنان خالد يوسف اليسارى لحمدين صباحى مرشح اليسار أعتقد وأظن أنه أمر مفهوم
لكن لم يستطيع آيا منهم
توصيل الفكرة ذاتها فى خطوط مستقيمة دون تهكم او سخريه
مؤلمه.. كما يفعل
الدكتور البرادعى واذكره هنا لأوضح الفرق بين طرق تناول الحوار والتفكير المختلف
عما نسمعه الان .
الدكتور البردعى متمكن
من توصيل أفكاره فى يسر وسهوله ودقه دون تحمير العيون او تهديد بما اعرفه عن مرشحك
"" فقصر ولم "" مثل ما فعله بلال فضل من أن حمدين كان له
علاقة بصدام حسين و القذافى .. ياسلام نورت المحكمة وجبت التايهة ياعم بلال .. ليس دفاع عن حمدين ولكن حينها كان
صدام حسين ومعمر القذافى يمثلان القوه اليسارية فى المنطقة العربية ويمكن فى العالم أجمع
والاثنين صدام والقذافى
صنعت منهم أمريكا أعداء وتسببت فى
انهيارهم وتحولهم للاستبداد حتى تنقض عليهم
هذه الأمة خرب
فيها أغلى شئ وهو العقل و تم تحويله للتفكير القبلى فى ظل حكم مبارك وكأنك لا تدافع عن مرشح رئاسى
تأمل أن يكون على صح ومستعد كطليعة من المفكرين والأدباء والفنانين أن تضرب المثل وتغير رأيك أن كنت اقتنعت بمرشح
أخر الى الدفاع عن رئيس القبيلة وتشويه المرشحين الآخرين ورميهم بماء النار ان احتاج الأمر
تفكير مفيرس بفيروس
نظام حسنى مبارك من العادلى حامى النظام البوليسى المستبد الى صفوت الشريف الذى
جلس على عرش الإعلام والميديا ربع قرن ومن
ترزية القوانين أمثال فتحى سرور وخلافه الى الأفاقين أمثال زكريا عزمى وأحمد عز وغيرهما من حمال مبارك
وعلاء مبارك .
كيف ينجوا العقل منهم
حتى لو كان عقل كتاب وفنانين كبار ..؟!!
لم ينجوا من هذا
التفكير الا عقلين .. الدكتور البرادعى بحكم بعده عن هذا النظام لأطول فترة من
الزمن فلم يحتك أو يمثلهم من قريب أو بعيد فظل عقله نقى ونقدى بما تمثله الكلمه من
معانى
وشباب الثوار من
الطليعة الذين خرجوا يوم 25 يناير حين كان من يتشدقون الآن بسجونهم ويطلبون الثمن
من الشعب المصرى الذى لم يستفيد شئ من سجنهم كجماعه غير الخوف حين كان يراهم
يركبون " البوكس " فرادى وجماعات .. أفراد منهم عاديين او قواد لهم مسئولين
دون أى مقاومه تذكر.. ولكن العمل طول الوقت مع النظام على مساومته
وتسويق ديمقراطيته الهشة .. حررهم
الثوار والشهداء الإبرار طليعة الثورة يوم 25 يناير .. المجد لهم .. أصحاب العقول
السليمة .
عمادعبد الحكيم هلال
الثلاثاء، 15 مايو 2012
Hend Ahmed أمازلت تحملين رائحه الوطن بين أكمامك
أمازلت تحملين رائحه الوطن بين أكمامك
http://koolelnas.com/articles-and-opinions/4136.ht
إلى أن نلتقى . .
إلى أن نلتقى . .
12/05/2012 20:57:00هند احمد
" عزيزتى ....أشتاقك حقا .. اعرف آنى قد وعدتك فى رسالتى الماضية بأنها ستكون الأخيرة لذا سامحينى فلم أستطع أن أذهب دون أن أودعك و أخبرك كم أحبك.. اعرف آنك تبتسمين الآن لأنك كنت تعلمين بداخلك آنى سأكتب اليك مره آخرى و هذا صحيح و لكن ألا يداخلك شعور الآن بأنى إنتهيت و آنها الأخيرة .كم أشتاقك الآن . أمازلت تحملين رائحه الوطن بين اكمامك ؟مازلت أذكر اخر ليله اجتمعنا فيها معا حين قررت الرحيل و مازلت لم أغفر لك و لا أظنك ستغفرين و لكن لم يكن بإمكانى آن اترك النضال أو أتخلى عن أحلامى نحو الوطن لم يكن بامكانى آن اكتفى بالكتابه كما فعلت أنت عندما تملكك اليأس ...لم يكن القلم ليكفينى .أتذكرين ..دوما كنت أشعر آن الموت يرفضنى ..و بالأمس مات صديقى و كانت أولى مشاركاته فى التظاهرات أصابوه بطلقة فى الرأس أمام ناظرى ..أصابوه فى رأسه و أصابنى الموت فى قلبى , أتعلمين كم مره شاركت و كم مره أنتويت النضال حتى الموت و فى كل مره كنت اعود محمل بالجراح و مثقل بالهموم .. أجل أظنك تعلمين. .و لكن ..كم أشتاقك الآن .. أمازلت تحملين أوتار الوطن فى صوتك ؟أتظنين العسكر سيمنحونى حرية الموت من أجل الوطن .هل سيمنحنى الطغاة الجدد ما لم يسمح لى به الطاغى القديم ؟ يا له من سؤال .. فكما تعرفين لن أطلب الأذن منهم بل سأخذ ما هو حقى بلا أدنى تردد سأناضل كما أفعل دوما و سأصرخ لأجل حرية الوطن ..أتعلمين أظننى حقا سأموت غدا ..سيحملونى على الأعناق ملتحفا بالعلم و على وجهى إبتسامة ساخرة .. سأكسر جدار الخوف.. سألعن كيان القمع.. سأقهر لغة الصمت ... سأصير كما اريد حبيبتى سأصير فكرة وطن.انتظرى لا تبكى الأن ارجوك فلن أحتمل ... آآه كم أشتاقك الأن ... أمازلت تحملين احزان الوطن فى عينيك .أتعرفين انى مازلت اشرب القهوة كما تفضلين بلا سكر بلا حليب بمراره الوجع و حده الألم ... مازلت أحترق بسجائرى فى صمت كما علمتنى و انا أجلس على حافه الخطر . مازلت أرى فيك الوطن و بين يديك أرى خطوط القدر مازلت أنا ذلك المجنون المندفع الذى أحببت و الذى هجرت مازلت انا كما انت ضحايا وطن.كم أشتاقك الآن .. أمازلت تحملين مأساه الوطن فى قلبك ؟اعرف آنى دوما ما تطول كلماتى كما آنك دوما لا تجيبين و لكن أريدك فقط ان تبقينى فى ذاكرتك قدر ما تستطيعين ... و اذكرينى ....اذكرينى بين كتاباتك ...اكتبى عنى او اكتبينى ... اكتبينى بطلا اكتبينى رمزا.. اكتبينى لمحة بين سطرين .. أوتعرفين اذكرينى و لو همسا بين شفتيك و احتفظى لى بلمعه عينيك و ابتسمى و لو كذبا كما كنت تفعلين حين تغضبين و احملينى دوما فى قلبك و اشهدى يوم ميلاد حرية وطننا لاشهدها نبضا من خلال عينيك و عدينى انك وقتها فقط ستبكين .و اعذرينى حبيبتى لانى لم احبك كما ينبغى اعذرينى لانك لم تكونى الوطن الوحيد فكما تعلمين فقد ابتلينا بحب وطن لا يستجيب وطن كلما افتقدناه فقدنا و كلما احببناه اغتال احلامنا و لكن سيبقى حلم الوطن بداخلى كما انت ستبقين فلقد احببتك و احبك و سأحبك فى كل حين ".كم أشتاقك الآن .. أجل مازلت تحملين رائحه الوطن بين أكمامك ..إلى ان نلتقى ..فى عمر اخر .حبيبى الغائب ....."قررت ان اضع احساسى المرهون بالوطن و بحبك فى كلمات ".كنت قد قررت عدم نشر مقالتى هذا الاسبوع بسبب حالة الحداد التى يرتديها الوطن و يغزل جدائلها بدماء ابناءه ... ثم اتيتنى انت و جلبت معك احزانى و احلامى و وضعتنى أمام كل احساس صارعت للهروب منه و و لأول مره اظننى اندم على الرحيل و لكن رغم هذا ..أجل لم أغفر لك .اعرف آنى لم أجيبك منذ افترقنا بل انى اوهم قلبى احيانا بالنسيان ولكن دائما ما تأتى رسالتك فى اللحظة التى اقرر فيها الابتعاد ... اجل لقد قررت الابتعاد عنك و عن النضال الذى جمعنا و عن الوطن الذى اغتال احالمنا.. قررت ان ارحل الى ارض اخرى لا احبها الى بلاد لا تعرفنى و لا اعرفها الى حيث لا تطاردنى الذكريات فى كل خطوة و فى كل نظرة ,بعيدا جدا الى حيث لا تصلنى رسائلك .و مبكرة قليلا.. متأخرة كثيرا........ وصلتنى رسالتكفقد قرأت نعيك صباح اليوم فى الجريدة و هذه المرة لم تكن أنا من تكتبك يا حبيبى .. لم تكن أنا من تنعيك ..و لكن كنت وحدى أبكيك ..أتعلم انهم وضعوا صورتك التى ألتقطها انا يوم خروجك من المعتقل تلك المرة, كم تبدو شاحبا مثقلا بالهموم تحمل اعباء الوطن وحدك على كتفيك و رغم هذا لا تفارق البسمة شفتيك و يرتسم الكبرياء على جبينك فى صمت ... أشتاقك حد الجنون .أعترف انى لا امتلك صمودك و لا شجاعتك و أعترف انى خسرت جزء من الوطن فى المعتقل و جزء آخر فقدت ملامحه فى الحداد و صار الوطن بالنسبه لى قالب أحزان كبير تجملت بآلامه ,و لا اعرف ان كان موتك سيفتك بالبقية أم سيعيدنى الى إيمانى.تلك الليلة اخبرتك أنى لا أقوى على جعلك من ضمن الهموم و لن اجعلك شرخا فى قلبى كما هو الوطن .. رحلت عنك لانى لم أكن احتمل فكرة أن يقتلك الوطن الذى نحب, فقد كنت موسوما بالرحيل و ظننتنى بغيابك سأقسو عليك و على الوطن مكتفية بدور القلم ... و لكن رحيلك الان جعلنى متلبسه فى جريمة عشقية ثنائية تتنافس فيها فجيعتى فيك مع خيبتى فى الوطن.هل ترى كيف يغتال الوطن أبناءه .. كيف يسحق الأحلام بكل قسوة كيف يحولنا من زهور تتفتح الى رماد محترق ... و رغم هذا يبقى الحب يفتك بنا يحركنا نحو الموت كما لو انه الطريق الوحيد الذى تفترشه الاحلام ... اجل احببتك و رحلت لأنى كنت أخجل من مشاعرى نحوك أمام أحزان الوطن ... كيف لى ان أراقصك على أنغام الموت .. كيف أرنو اليك و الوطن ينزف .. و كيف آتتنى خيبتى فيك متلازمه مع خيبتى فى الوطن .غدا سأشيعك فى أحضان الوطن و سأحفر على جدار قبرك مات رهين العشق و الوطن و سأحرق سجارئك الأخيرة بيدى وبعدها سأمزق ثياب الحداد و اتجه الى حيث ترفرف روحك فى سماء الحريه و اقف لأعلن للعالم أنى سأشهد عوده الوطن .. سأجبر الوطن ان يستجيب لعشقنا سأجعله يستجيب يا حبيبى الى صوتنا و احلامنا و سترى النور فى عينى و عندها لا لن أبكيك عندها فقط سأحبك كما ينبغى ...... أجل حبيبى فما بيننا لم يكن حبا كاملا ما بيننا لم يكن سوى بديل الوطن.وداعا يا حبيبى وداعا يا من احببتك حد اليأس ..وداعا يا من استحيت من حبى لك امام أحزان الوطن .. .. وداعا يا من جعلت النضال عشق و الفكره أمل ..وداعا يا وطنى الآخر .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)