ألزمت محكمة القضاء الإدارى الحكومة ممثلة فى رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء بوضع حد أدنى لأجور جميع العاملين بالدولة بما يتناسب مع نفقات المعيشة ويحقق توازناً بينها وبين الزيادة الكبيرة فى الأسعار.
جاء ذلك فى الحكم الذى أصدرته المحكمة أمس برئاسة المستشار عادل فرغلى، رئيس محاكم القضاء الإدارى، وقضت فيه بوقف تنفيذ القرار السلبى بامتناع الحكومة عن وضع حد أدنى لأجور العاملين فى القطاعين العام والخاص بما يناسب نفقات المعيشة والزيادات المتوالية والكبيرة فى أسعار جميع السلع الأساسية والاستراتيجية.
كان المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أقام الدعوى واختصم فيها رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء بصفتيهما وقدم خالد على، محامى المركز، عدة حوافظ مستندات تضمنت بعض المقالات والتحليلات الاقتصادية التى تفيد بوجود فجوة كبيرة بين الأجور ومعدلات الزيادة فى الأسعار، ووصف المركز الحكم بالتاريخى، وانتصار للطبقة العاملة فى مصر.
فى السياق نفسه، طالبت منظمة العمل الدولية الحكومة المصرية بضرورة تعديل الحد الأدنى لأجور العمال لتمكينهم من الحياة الكريمة، وليعود ذلك بآثاره الإيجابية على الاقتصاد.
وقالت الدكتورة دوروثيا شميدت، خبيرة التشغيل فى مكتب منظمة العمل الدولية لشمال أفريقيا بالقاهرة، رداً على سؤال لـ«المصرى اليوم»، خلال فعاليات ندوة المنظمة حول برنامج المنظمة للعمل اللائق: «إن الحكومة المصرية ملزمة أمام المنظمة والمجتمع الدولى بتعديل الحد الأدنى للأجور وتحسين أوضاع العمال حسب الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها، وحذرت من أن عدم التزام مصر بإجراء هذا التعديل سوف يدفع المنظمة لإعداد تقرير للعرض على دول العالم الأعضاء فى مؤتمر المنظمة، بحيث يكون هناك دور مؤثر من قبل حكومات دول العالم على مصر فى هذا الأمر.
وطالبت شميدت بضرورة إقرار الخطة القومية لتشغيل الشباب فى مصر، لمواجهة أزمة البطالة التى تتفاقم يوماً بعد الآخر، وتجاوزت حالياً بين الشباب نسبة ٢٣٪، وتهدف الخطة لتخفيضها لتصل لنحو ١٥٪.
وأكدت أنه من غير المتوقع أن يحدث الاقتصاد المصرى التحسن المطلوب خلال العقدين المقبلين، ليحقق معدل نمو يصل لنحو ٢٠٪، وأن معدلات جذب الاستثمار فى مصر لاتزال حتى الآن غير كافية لمواجهة مشكلة البطالة.
وقالت: إن مصر فى حاجة لنحو ٣.٤ مليار جنيه سنوياً لتوفير نحو ٦٢٠ ألف فرصة عمل خلال مدة عمل الخطة القومية لتشغيل الشباب، لتوفير نحو ٣.١ مليون فرصة عمل فى ٥ سنوات.
وأشارت شميدت إلى أن الأزمة فى مصر هى «أزمة شباب» فهم مشكلة المستقبل، خاصة أن عددهم يفوق عدد الشباب فى الدول الأوروبية، وإذا نجحت مصر فى خطة التشغيل فستخرج من الأزمة العالمية.
وأكدت أن هناك الكثير من المبادرات الحكومية الخاصة بعمليات التشغيل فى مصر تكرر نفسها ولذلك تحاول المنظمة سد الفجوات غير المرغوبة من هذه المبادرات حتى لا تشتت الشباب الداخل إلى سوق العمل، وأن الخطة القومية لتشغيل الشباب ليست استراتيجية لوزارة القوى العاملة والهجرة وحدها، وإنما خطة دولية تنفذها وزارات القوى العاملة والتضامن والتعليم والزراعة، وطالبت بأهداف واضحة لها وأنه لا يجب أن تكون مجرد استراتيجية فى الهواء، وأن نغير اتجاهاتنا لو كنا خطأ.
وأوضحت أن الأزمة الاقتصادية العالمية أدت إلى زيادة حجم مشكلة البطالة بين الشباب، خاصة من حملة الشهادات، وأنه يوجد نحو ٢٩٪ من الشباب لديهم شهادة ثانوية عامة أو فنية، وأن ٤٧٪ لديهم شهادات جامعية، فى حين أن إجمالى عدد خريجى الجامعات العاطلين فى القاهرة ٩.٧٪، ونحو ٢٥٪ من خريجى الجامعات فى مصر يعانون البطالة.
وأشارت إلى أن خطة المنظمة خلال السنوات القليلة المقبلة تعتمد على تقديم دورات تدريبية لأكثر من مليون خريج من الجامعات، وأن هناك مشروعاً لإقامة ٧٠ مكتب مساعدة فى المحافظات لتسهيل الأعمال التجارية الصغيرة، معلقة على هذه الأهداف بأنه «سيكون من العار على كل الأطراف أن يضيع مجهودنا هباء، حيث اتفقنا مع المسؤولين على توفير ٣.٤ مليار جنيه لتوفير فرص العمل المطلوبة للخريجين الشباب لكن (سقطت) الخطة لمدة عامين من جانب الحكومة المصرية دون أسباب معلومة حتى الآن».
وتجنب محمد طرابلسى، مسؤول الأنشطة العمالية فى مكتب القاهرة، الإجابة بشكل مباشر عن أسئلة عدد من الصحفيين حول الحريات النقابية فى مصر، وتمثيل النقابات للعمال بشكل فعلى بعيداً عن الانحياز لأصحاب الأعمال فى القطاعين الخاص والعام.
من جانبه، قال عبدالفتاح الجبالى، عضو المجلس الأعلى للأجور، إن ممثلى القطاع الخاص واتحاد العمال لم يتوصلوا حتى الآن، لنقطة اتفاق فيما يتعلق بالحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص، وفى المقابل فإن الحكومة ملتزمة بوضع حد أدنى للأجور يتناسب مع زيادة الأسعار.
وقال الجبالى فى تعليقه على حكم محكمة القضاء الإدارى: إن الحد الأدنى لأجور العاملين بالحكومة عند الدرجة السادسة لا يقل عن ٤٣٠ جنيهاً، بما يراعى زيادة الأسعار ومعدلات التضخم، وأنه يتم أيضاً صرف علاوات مالية بشكل دورى لنفس الغرض.
وفيما يتعلق بالعاملين فى القطاع الخاص، أشار الجبالى إلى أن هناك بوادر لاتفاق بين رجال الأعمال واتحاد العمال، على وضع حد أدنى لأجور العاملين فى هذا القطاع، غير أن المعضلة الأساسية تتمثل فى صعوبة الاتفاق على قيمة مالية محددة قد تكون مرتفعة بشكل يؤدى لزيادة معدلات البطالة، حيث تدفع رجال الأعمال نحو الإحجام عن طلب موظفين بسبب عدم تناسب قيمة الحد الأدنى لأجر العامل مع ميزانيات الشركات.
المصدر : جريدة المصرى اليوم