وبالمثل ، فكما أنه هناك اسطورة الوعد الإلهى نجدهم يسوقون أكذوبة أخرى هى أكذوبة أن لهم حقا تاريخيا فى فلسطين.!.. ويعمل أدب الأطفال هناك على زرع هذه الأكذوبة فى أذهان أطفاله بكل دأب..
لذلك تقول "حنا" بطلة قصة "الحدود التى فى القلب" وهى تصف مدرستها بعد مجيئها إلى أرض فلسطين :
"... أما المدرسة فقد أقاموها فى منزل سكنى عادى تقرر تحويله إلى أول مدرسة عبرية فى وادى بيسان من ألفى سنة".!!
فلم يكن عجيبا ، إذ رأينا اسحق شامير رئيس وزراء إسرائيل ينتهز فرصة انعقاد مؤتمر مدريد للسلام عام 1990 فيتخذ منه منبرا لترويج هذه الأكذوبة أيضا:
"... وإننا الشعب (الوحيد) فى أرض إسرائيل (بدون توقف) .. أوالذى ظل فى أرض إسرائيل (بدون توقف) خلال حوالى أربعة آلاف سنة ، فنحن هو الشعب (الوحيد) باستثناء فترة المملكة الصليبية القصيرة .. ونحن الشعب (الوحيد) الذى توجد أماكنه المقدسة فقط فى أرض إسرائيل.".!!!
تحالف بين الأدب والسياسة على ترويج الأساطير والأكاذيب.!
لخص هـ. ج. ويلز تاريخ اليهود فى كتابة "موجز التاريخ" وكأنه يعقب على هذا الذى سيقوله شامير من بعده بعقود من السنين.! فيقول ويلز:
" وكانت حياة العبرانيين فى فلسطين تشبه حالة رجل يصر على الإقامة وسط طريق مزدحم فتدوسه الحافلات والشاحنات باستمرار { وكأن كلمة باستمرار هذه جاءت للرد على كلمات شامير التى ما بين الأقواس عاليه .!!}... ومن البدء حتى النهاية لم تكن مملكتهم سوى حادث طارئ فى تاريخ مصر وآشور وفينيقيا ، ذلك التاريخ هو أكبر وأعظم من تاريخهم بكثير."
وتقول الكاتبة اليهودية الأمريكية "روبرتا ستاريوس باروخ" ـ وكأنها كانت شاهدة من أهلها ضد ما سيقوله شامير فى مدريد..!! ـ فى كتابها "مصير اليهود ، شعب ممزق بين قوة إسرائيل وأخلاقيات اليهود" :
"إن الإسرائيليين اليوم الذين يذكرون مملكة اليهود القديمة بفخر وإعزاز، غالبا ما يتذكرونها حتى يبرروا المزيد من الوقوع فى الخطأ ، لقد كانت قيادات الممالك اليهودية بربرية كمعاصريهم .. كما أن تلك الممالك لم تكن تنتعش إلا عندما يكون جيرانها قد استهلكوا وأضعفوا أنفسهم.." ثم تقول الكاتبة : " كان الكثير من اليهود يفضلون العيش فى مناطق الهجرة على العيش فى مملكة (ففى سنة 538 ق.م سقطت الإمبراطورية البابلية فى يد الفرس ، فطلب بعض اليهود فى بابل من الإمبراطور الفارسى أن يسمح لهم بالعودة إن أرادوا ، ولكن معظمهم يعد).!
وتحدد الكاتبة وضع مدينة القدس فتقول : "إنها ليست مدينة يهودية تاريخيا وإنما اغتصبها اليهود منذ القد من الكنعانيين وجعلوها عاصمة اليهود السياسية والدينية"
وأفضل ما يقوض أكذوبة الحق التاريخى لليهودد هو أن اليهود لم يكونوا أبدا شعبا وقومية وأمة ، ولم تكن اليهودية جنسا مستقلا ، وحينما تحاول الصهيونية السياسية أن تجعل من اليهود شعبا وقومية ، فإنها بذلك لا تزيف حقائق التاريخ وحسب ، بل تقاوم حتمية حركة التاريخ وتسعى إلى تجميد تطور المجتمع الإنسانى .. ذلك أن هناك الكثير من الأدلة التى تبين اختلاط اليهود بغيرهم ، فسنجد أن يهود فلسطين التوراة تخلطوا فى عقر دارهم مع جيرانهم من الفلسطينيين كما تدل على ذلك قصة شمشون اليهودى ودليلة الفلسطينية ، وكذلك تخلطوا جنسيا مع جيرانهم من العموريين والحيثيين ن كما يشير سفر حزقيال : "أمك كانت حيثية وعموريا كان أبوك "( اليهود أنثروربولوجيا ـ جمال حمدان ـ دار الكاتب العربى ـ القاهرة ـ 1967ـ ص 76 ، 81 ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق