قطايف 6 بقلم على عبد الباقى
قطايف (6)
تقديم..
أول من أنسانا إسرائيل هم جماعة الإخوان، بتكالبهم وتهافتهم على قنص ما
حسبوه فرصتهم التاريخية لاعتلاء "كرسى العرش". قامت الثورة لاسترداد
الكرامة ومكانة مصر التاريخية، فإذا بالإخوان يُدخِلونَ مصركلها إلى دكان
بقالة بعد تدجينهم من قبل الإدارة الأمريكية الممثلة فى سفارتهم بالقاهرة
أو عبر مبعوثين لها. تم أخذ التعهدات اللازمة عليهم للإقرار بذات الانبطاح
الذى كان قد برع الرئيس المخلوع فى إجادته، ثم الإقرار عليهم بأن إسرائيل
هى ذاتٌ لا تُمس. ولم تكن صدفة، ولا هى اعتباطا أن يضع د. مرسى الذى صار
رئيسا، القمامة وما شابهها من قضايا، فى أولى أولوياته.(!).. فكم كنا سُذج
وحَسنىِ النية عندما كتبنا للرئيس القادم ـ قبل إعلان الفائز فى سبق
الرئاسة ـ عما تطلبه مصر منه، وقلنا أنها تطلب منه إعادتها إلى "موقعها
العبقرى" الذى تستحقه ويستحقها، وقد بينّا، فى حينها، معنى عبقرية الموقع
وفيما تميزه واختلافه عن عبقرية المكان التى كان ينادى بها مفكرنا الكبير
جمال حممدان.
عندما التفت الرئيس مرسى إلى فلسطين، لم ير إلا قطاع غزة،
وعندما لم ير إلاها، لم ير فيها إلا مشكلة إنقطاع الكهرباء. ولم يبد أى
إهتمام بانقطاع الكهرباء فى بلده هو.. بل صرح تصريحات لا تخرج إلا من دكان
بقالة فلقد قال: وفروا الكهرباء من أجل إخوانكم فى غزة.(!) يبدو أن لا أحد
قد نبه السيد الرئيس إلى أن مصر تصدر الكهرباء. فلم لم يوقف تصدير الكهرباء
لكى يكفى بلده ويكفى غزه.؟ الكهرباء يعنى طاقة. يعنى صحة. فهل يصدّر أحد
صحته لغيره.؟ لكن البقال بقال.. عهدناه دوما يترك دكانه ويذهب ليصلى فى
الجامع، ولا بد أن تكون صلاته فى الجامع، ولينتظره الزبائن إلى حين عودته،
فالأرزاق على الله.!
نسينا فى خضم الدهاليز التى أدخلتنا فيها الجماعة:
دهليز مجلس الشعب المضحك، وتكالبهم وراء مصلحتهم الذاتية، والتكويش
المستعر، وفضائحم الجنسية... الخ أنسانا كل هذا، قضية أمننا القومى، ونسينا
إسرائيل الواقفة على عتبة الدار.
نعيد فى هذا المقال ـ ولربما فيما تلاه من مقالات ـ تنشيط ذاكرة أمننا القومى.
{إسرائيل التى أنسونا إياها.!}
جاءتنى فى جوف الليل تذّكرنى: إسرائيل. بادءهم بالدين. أليسوا يتشدقون
بتمسكهم بالدين.؟ فبادرهم به. علهم يتعلمون كيف تستخدم إسرائيل دينها.
صحوت، فلم أجد إلا أثر دمع قد جفّ على خدى. تذكرت مناقشاتنا المستفيضة فى
الدين لأيام وليالٍ، كنا نتجاذب الهمس حول هذه القضايا الشائكة ورأسها على
كتفى، ويدها تعبث بشعر صدرى(هى كانت كده. مزاجها كان كده) مناقشات لو قلتها
هنا، لارتجت قوائم هذا الموقع، ولهبط سقفه فوق رءوسنا أجمعين. هرعتُ إلى
كتابها، أنقل منه بتصرف...
"... ولنا أن نسأل: ما هو سبب اهتمام أدب الأطفال الإسرائيلى بقيمة الدين هكذا.؟
يقول توماس كارلايل فى كتابه الأبطال:
إن أهم ما فى الرجلل دينه، والأمة فى ذلك مثل الفرد لأن الدين يعكس روح
تاريخ الفرد أو الأمة، إذا أن أعمال الأمة أو الفرد إنما هى بنات أفكارهم
وما نتجت ظواهر الآثار إلا من مستسرّ الضمائر، ومن ثم أقول إن دين الأمة هو
أهم ما لديها. (1)
هذا هو مدخل دراستنا.
يقول جودت السعد بعد
أن يلفت نظرنا إلى عدم اتفاق اليهود حول التوراة التى نزلت على موسى، إذ
يعتقد بعضهم بأنها الأسفار الخمسة الأولى فقط من كتاب العهد القديم، وبعضهم
يقول أنها كل الأسفار ، وبعضهم يقول بل هى الوصايا العشر فقط. يقول جودت
السعد بعد هذا: إن الدوافع الكامنة وراء الديانة اليهودية هى شعور قادة
اليهود بالخوف من التعرض للذوبان وهم خاضعين للسبى البابلى، فانكبوا على
دراسة هذا الواقع اليهودى وخرجوا بمقولتين لمواجهته:
• أن اليهود هم
شعب الله المختار، وأن الآخرين أدنى مرتبة منه، لذا لا يجوز تشويه الخلقة
الأعلى بالأدنى، وأنه يجب الحفاظ على البقاء اليهودى لأنه بمثابة الإيمان
ذاته.!
• ربط اليهود بالواقع المادى وغرس الحلم فيهم بأرض غير أرض بابل، فارتؤى أن تكون فلسطين هى أرض الميعاد. (2)
إذاً الهدف الأول من كتابة التوراة كان هدفا سياسيا يتمثل فى الحفاظ على
نقاء العنصر اليهودى والحيلولة دون ذوبانه فى الشعوب الأخرى إلى أن تحين
فرصة الحصول على "الأرض الموعودة".! لذا فإن أحمد أبو زيد يحمّل مسئولية ما
تعرض له اليهود من إضطهاد طوال تاريخهم لهذه الديانة. فاليهود كانوا هم
الذين يعزلون أنفسهم فى الجيتو حتى يحافظوا على أسلوب حياتهم وممارساتهم
الاجتماعية والدينية، وبالتالى يحافظوا على كيانهم من الضياع والاندثار.
(3)
ولما كان التمسك بالديانة اليهودية يعنى فى نظر اليهود الحفاظ
على الهوية، لذلك فإنهم كما يقول عباس العقاد: لا يتحولون عن عقائد آبائهم
وأجدادهم وإن خالفت كل ما تعلموه ودرسوه/ ودرجوا علي التفكير فيه، لأن
عقيدتهم بالنسبة إليهم أكثر من عقيدة دينية: هة معقل دفاع فى وجه الأمم
التى يعادونها وتعاديهم. (4)
وتمثل التوراة سندا عقائديا قويا لأولئك
الذين يريدون أن ينهبوا حقوق الآخرين ويسقكوا دمائهم ولأولئك الذين يعتقدون
فى العنف والعدوان كوسيلة للقوة، وفى هذا يقول هيجل:
الارتباط بإله اليهود إرتباط بالعداء المستمر والبغضاء لغيرم من الشعوب. (5)
ويقول العقاد:
إن الإله عندهم غيور شديد البطش متعطش للدماء. سريع الغضب. ينتقم من شعبه كما ينتقم من أعداء شعبه.
ويقول رشاد الشامى:
أن التوراة والتراث الدينى اليهودى يتيحان للإسرائيليين أن يستلهموا منهما
الروح العدوانية، ففى التوراة شواهد كثيرة تدل على هذه الروح ـ فالتوراة
تربط بين "حرب إسرائيل" وحرب رب إسرائيل، حيث يصبح الرب هو: رب الجنود الذى
يحقق لهم قهر أعدائهم، ويحثهم على التنكيل بهم واغتصاب آراضيهم وينعكس هذا
الاستلهام الآن فى تقاليد الجيش الإسرائيلى، فكل وحدة تحمل تابوتا يوضع
فيه التوراة وقد نقش عليه : "انهض بالله ودع أعداءك يتشتتون، واجعل الذين
يكرهونك يهربون أمامك." تماما كما كان يفعل يهوشع بن نون حيب وصية موسى.
ومن المعلوم أن التوراة تدرس اليوم بالمدارس وذلك لكى تصبح شخصيات التوراة
رموزا ومثلا للأجيال المتعاقبة وبذلك تصبح حروب إسرائيل كلها حروبا مقدسة
مبررة، وأن الجيش الإسرائيلى ما هو إلا منفذ لتشريعات التوراة.!
ويقول سارتر:
أن اليهود لا يتمتعون بوحدة التراث ولا التاريخ. فتاريخ وطن إسرائيل
القديم قد انقطع منذ 2000 ، فيهود العالم لا يجمعهم فى الواقع تاريخ واحد،
ولا عاطفة قومية واحدة وكذلك لا يتمتعون بوحدة الدين، فاليهود المشتتين لهم
نظرات مختلفة إلى الدين نفسه وكثيرا منهم ملحدون فى حقيقة الأمر. ولكنهم
مع ذلك يتمسكون بطقوس الدين فقط لأنه يعطيهم إحساسا بالانتماء إلى فئة
معينة.. أى أن الدين بالنسبة لليهود ـ والكلام لسارتر ـ لاقيمة له عندهم
كدين، لكن قيمته عندهم هى كرمز فقط. (5)
هذا ما يفسر لنا اهتمام أدب الأطفال الإسرائيلى بالدين كقيمة. فما هذا الذى تفعلونه أنتم بدينكم.؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق