كبريت المشير
لا يحب المشير الرئيس أن يُعد أحد له الحمام.. يكره عبارة "جهزى الحمام" ويمقتها. فى صباح ذلك اليوم، حمل غياراته الداخلية، ولف الفوطة حول رقبته، وراح يصّفر منتشيا وهو يغلق الباب خلفه بهدوء.
ضغطة اتنين تلاته عشرة، والإشعال الذاتى لسخان الغاز لا يريد أن يعمل.. اقترب بعينيه من السخان وقرأ.. "الله ده انت سخان مصانع.. أُمال مش عاوز تشتغل ليه.!؟"
أطل برأسه وزعق: كبريت. ومن فُرجة الباب، المتوارى خلفه، مد يده. أشعل عودا ومده إلى داخل السخان. لفت نظره أنه لم يزل يشتعل ويتوهج محدثا كرة صغيرة من اللهب المتأجج.! فتح علبة الكبريت: "كلها عيدان برؤوس كبريت كبيرة.!" .. أدار العلبة فى يده وقرأ: "المنشأ باكستان.! .. والمستورد شركة مدرك إيه.!" .. "الله.! .. أُمال فين كبريت الهلب أحسن كبريت.!؟"
طلب من سكرتارية الرئاسة، وهو يجفف شعره، أن يشتروا له العديد من علب الكبريت من مناطق متفرقة من العاصمة. ثم طلب من رئيس الوزراء أن يلحق به كل من وزير الصناعة والتجارة فى مكتبه.
نظر إليهما وهو يدفع فى وجهيهما كوم من علب الكبريت: "أتصدقان.. أنى توا أدركت السبب الحقيقى فى ثورة الشعب عليكم.؟" .. فَردَ ذراعه تجاه الباب متأففاً: تفضلا. وما أن استجمع كل منهما قواه للنهوض، حتى دق المائدة بظلف إصبعه الأوسط: إدفعا مناصفة ثمن علب الكبريت هذه. وما أن استدارا، حتى دق سطح المائدة ثانية: وكمان ثمن بنزين السيارة التى جابت شوارع القاهرة لشراء هذا الكبريت.
على عبد الباقى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق