الناس فى بلادى جارحون كالصقور
غناؤهم كرجفة الشتاء فى ذؤابة الشجر
وضخكهم يئز كاللهيب فى الحطب
خطاهمو تريد أن تسوخ فى التراب
ويقتلون، يسرقون، يشربون، يجشأون
لكنهم بشر
وطيبون حين يملكون قبضتى نقود
ومؤمنون بالقدر
وعند باب قريتى يجلس عمى "مصطفى"
وهو يحب المصطفى
وهو يقضّى ساعة بين الأصيل والمساء
وحوله الرجال واجمون
يحكى لهم حكاية.. تجربة الحياة
حكاية تثير فى النفوس لوعة العدم
وتجعل الرجال ينشجون
ويطرقون
يحدقون فى السكون
فى لجة الرعب العميق، والفراغ، والسكون
" ما غاية الإنسان من أتعابه، ما غاية الحياة؟
يا أيها الإله!!
الشمس مجتلاك ، والهلاك مفرق الجبين
وهذه الجبال الراسيات عرشك المكين
وأنت نافذ القضاء أيها الإله
بنى فلان ، واعتلى ، وشيد القلاع
وأربعون غرفة قد ملئت بالذهب اللماع
وفى مساء واهن الأصداء جاءه عزريل
يحمل بين إصبعيه دفترا صعير
ومد عزريل عصاه
بسر حرفى "كن" ، بسر لفظ "كان"
وفى الجحيم دُحرجت روح فلان
(أيها الإله ...
كم أنت قاس ٍِ موحش أيها الإله).
بالأمس زرت قريتى ، قد مات عمى مصطفى
ووسدوه فى التراب
لم يبتن القلاع (كان كوخه من اللبن)
وسار خلف نعشه القديم
من يملكون مثله جلباب كتان قديم
لم يذكروا الإله أو عزريل أو حروف (كان)
فالعام عام جوع
وعند باب القبرقام صاحبى خليل
حفيد عمى مصطفى
وحين مد للسماء زنده المفتول
ماجت على عينيه نظرة احتقار
فالعام عام جوع...