الاثنين، 29 سبتمبر 2014

تراث العراق الذى طاله العدوات - بقلم شوقى عيد الحكيم

قضايا و اراء
41257 السنة 124-العدد 1999 نوفمبر 21 13 من شعبان 1420 هــ الأحد
تراث ومأثورات
تراث العراق الذي طاله العدوان
بقلم : شوقي عبدالحكيم
يتميز الأدب البابلي العراقي بالإغراق في السير والملاحم, مثل ملحمة جلجاميش الشهيرة وكذلك ابتدع البابليون العراقيون القدماء العديد من الملاحم منذ4 آلاف عام يتصل موضوعها بالموتيفات والسمات الأسطورية, بأكثر من البطولية, فهي ترسي قصة الخلق- للعالم والانسان- حتي مجيء الإله ميردوك كبير الآلهة البابلية. فهي تصوير لمخاطر البطل الأسطوري أو الانسان الأول, وموضوعها بعامة لا يبعد بنا أيضا عن جلجاميش ومخاطره وبحثه الدائم عن الخلود والأمن.
كذلك عثر علي العديد من الأغاني البطولية الملحمية ضمن مكتشفات رأس الشمرا ترجع الي القرن14 ق.م بسوريا الشمالية ودونت بالأبجدية الفينيقية. تتحدث إحدي هذه القصائد الملحمية عن حياة وبطولات الإله بعل, وقصيدة ملحمية أخري تدور حول بطل يدعي اكحل آلهات, كما عثر علي قصيدة ملحمية يدور موضوعها حول اشتراك الآلهة الأنثي عناث في اغتيال أخيها بعل وإعادته ثانية للحياة علي غرار الأساطير التموزية والأدونيسية لأدونيس إله فينيقيا الممزق. كما عثر علي ملحمة اوغارتية سورية تشير الي الأصول الأولي للحروب الطروادية تعرف بملحمة كريت وكذا الملحمة الهندية- الفارسية- الرميانا ثم الملحمة الهندية الآرية الكبري المهابهاراتا. واذا كنا قد انتهينا من تعريف كلتا السيرة والملحمة وكيف ان الفارق بينهما لا يعدو أن يجيء لغويا متصلا بالصياغة المتداخلة ما بين النثر والشعر بالاضافة طبعا الي بضعة فوارق طفيفة ما بين الاهتمام بالأنساب والبنية القرابية في حالة السيرة والرعاية القصوي للحرب وشعر البطولة في الملحمة, ويحق لنا تعريف شكل أدبي فولكلوري ثالث وهو البالادا أو قصة الحب والعشق الشعرية الملحمية وأبرز أنماطها في بلداننا العربية: حسن ونعيمة, عزيزة ويونس, يوسف وزليخة, شفيقة ومتولي, سارة وهاجر, عالية وأبوزيد الهلالي- وهكذا.
فالبالادا تسمية أطلقت علي هذا النوع من الأغاني الفلكلورية الملحمية التي كانت في مثناها أغاني تؤدي بمصاحبة الموسيقي والرقص- مثل البالادا الايطالية فهي قصة شعرية أو أغنية ملحمية بأكثر منها ملحمة, أقرب الي الإبتهالات البكائية والجنائزية مثلها مثل أغاني الشهنامات الفارسية الإيرانية وقصائد السيد الفرنسية, وبالادنبلونجز الاسكندنافية, والبليانات السوفيتية والأغاني القصصية التي سبقت اكتمال ملحمة كاليغالا الفنلندية وكذا أغاني رولان وبيولف ثم بالاد سفند دايرنغ الدانماركية, التي تقارب قصتنا الملحمية سارة وهاجر, وان كان في كلتيهما, يشيع الحس النسائي الذي هو الملمج الأكثر أصالة للجسد الفلكلوري العالمي بأكمله من حيث الاحتفاء بمأثورات مثلث العائلة الخالد الزوج والزوجة والابن وصراع الضرتين وطقوس الزواج والميلاد واضطهادات زوجة الأب التي تدفع بالأم الي الخروج من قبرها لتنقذ طفلها- القدري- المضطهد من براثن زوجة أبيه ويرجع ظهور هذا الشكل الأدبي الفولكلوري في التراث العالمي بعامة, فيما بعد القرن15. وقد لعبت حركات الاصلاح الديني في الغرب دورا دافعا في تنشيطه والاستفادة من رواته ومنشديه المحترفين مثل النسوة الندابات, منشدات البلينا السوفيتية برغم ان بعض الكنائس في العصور الوسطي حاولت تحريم إنشاده واضطهاد رواته وحفظته ومنشديه. ولقد اختفت المدرسة الأسطورية بريادة آندرو لانغ بارجاع ذلك القصص الشعائري الغنائي الي عصور موغلة في القدم. ولاشك في أن بعض نماذج هذا القصص الشعري الملحمي عمر عمر الشعائر والممارسات الوثنية الطوطمية الموغلة في القدم طالما أنه مرتبط بتقويمات ومناسبات دنيوية يراد لها الحفظ والانتشار ولو من جانب المؤسسات الدينية التي عادة ما تتحرك في خدمة المسار السلطوي ولو للعائلات المنسبة أو التي تضفي صفات وهالات القدسية والتقديس علي أنسابها بما يحفظ لها استمرارها السلطوي. فالبالادا قصة شعرية فلكلورية تروي أحداثا ملحمية يراد لها الحفظ والاتصال عادة ما تكون علي درجة عالية من الأهمية والخطورة وعلي المستويات البنيوية من سياسية وشعائرية واجتماعية وتقويمية, تنتهي بكاملها من هدف أخير هو حفظ البنية الطبقية دون أي اعتبار لما طرأ علي مجتمع أو مجتمعات- هذه السير والبالادا الملحمية من تغيرات في علاقات انتاجية والشروط والمتطلبات التي يعيش فيها الناس- وعن طريقها وعبرها- يتحدد وعيها. إن تطور الأفكار والمعتقدات يجيء مسايرا لتطور التاريخ( خاصة تلك التي يكون موضوعها الشعائر والمنتجات الروحية).
فمثل هذه الموروثات الروحية المدعمة بسلطة العادة والتوارث وكذا التفسيرات المغلوطة لكلا التراث والتاريخ مجللة أو محمية بما اسماه ارثر تيلور- بالأنيزم من روحانيات يضفيها الانسان علي كل شيء وبخاصة الطبيعة الموحشة الغامضة من حوله. وعلي هذا فالبالادا في أحسن حالاتها قصة أنساب أو عائلة أو قبيلة مع الأخذ في الاعتبار ان العصب أو الجسد الفلكلوري العربي بعامة قبائلي. بالاضافة الي أنها كما ذكرنا قصة أو أغنية شعرية عادة ما كانت تؤدي بمصاحبة الموسيقي والرقص.
وهنا نكون قد استكملنا التعريف بالسيرة والملحمة والبالادا والفوارق الهامشية ب

هناك تعليق واحد: