بيتا منقسما على نفسه
مع اننا نعيش وننتمى الى القرن الواحد والعشرين ودخلنا اليه من خلال السمات المميزة فيه وهى التكنولوجيا التى نتمتع بها من وسائل اتصالات سهلة ، وسموات مفتوحة ، وشبكة عنكبوتيه يحتويها هذا المارد الجبار " الكمبيوتر "، إلا انه قد بات من الشائع القول أننا نعيش فكرا وإحساسا فى قرن ماضى ، أو قرون بعيدة تتراوح بين القرن الثالث عشر والثامن عشر.
من ناحية نعيش وننتمى لحضارة استهلاكية تفضل المال على القيم ، إذ لابد على الناس أن تكسب عيشها وتقضى حوائجها من خلال المال ونرى هذا فى التعليم وكم يكلف الأسرة من أموال للمدارس الخاصة ، والدروس الخصوصية ، وأيضا الصحة ،وتكاليف العلاج ، وتربية الأطفال فى ظل تخلى الدولة عن الكثير من التزاماتها ، وكيف يقضى الناس حاجتهم دون حصولهم على المال ؟ فى ظل مجتمع استهلاكي فردى أنانى مهلهل!! انقسم المجتمع فيه الى طبقتين واحدة تمثل القلة القليلة وتمتلك الثروة التى تقدر بمئات المليارات دون إنتاج حقيقى عائد على المجتمع ، والثانية الطبقة العاملة التى يسد فى وجهها سبل الكسب والتى تمثل الأغلبية الساحقة والصامتة وكل طموحها فى ظل هذا التقسيم أن تعيش حياة كريمة .
وفى ظل هذا التناقض ليس من الغريب أن نرى المجتمع حائر ، قلق ، ومذهول
يعيش فى عصر وينتمى فكريا وسلوكيا الى عصر أخر ،
يعيش فى عصر التكنولوجيا والسموات المفتوحة ويستخدمها بشراها وينهل منها على قدر استطاعته
ثم يغيب عنها بفكره وسلوكه ويذهب الى قرون بعيدة لينهل منها بشراها أيضا
ونرى هذا فى سلوكه اليومى من أزياء ، وطرق حياة ،وسيطرة أفكار بعينها على الشارع ، وعزوف على المشاركة فى الحياة السياسية وانتشار مستنقعات الجهل والسلبية ، وبدل أن نحاول كيف نقيم مجتمع معاصر وعادل ينتمى الى القرن الواحد والعشرين نلجأ الى تمجيد الماضى والتلحف به ، وإيجاد المبررات الشرعية له ، مما يجعل منا بيتا منقسم على نفسه .