انفلونزا الخنازير القيامة الوهمية
نفلونزا الخنازير : القيامة الوهمية و مصالح الاحتكارات - 28/04/2009 [Photo][Photo]
د. ثائر دوري ــ في البداية كان هناك جنون البقر ، ثم الحمى القلاعية ، ثم الجمرة الخبيثة ، ثم السارز ، ثم انفلونزا الطيور ، و الآن انفلونزا الخنازير ،فكلما تأزمت أوضاع العالم السياسية ، و الاقتصادية ، و الاجتماعية ، وتركزت أنظار الناس على بؤرة المشاكل الحقيقية يتم تفجير قنبلة دخانية بعيداً عن بؤرة الأحداث لتشتيت الانتباه .
دخلت البشرية قبل أشهر الطور الأخير من أزمة سياسية و اقتصادية و اجتماعية طالت كافة بنى النظام العالمي القائم الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية و حليفاتها الغربيات ، لكن أثناء الأزمة الأخيرة برزت ظاهرة جديدة لأول مرة منذ انطلاقة النظام العالمي القائم قبل خمسة قرون و نيف ، و تحديداً منذ سقوط غرناطة عام 1492 و سيطرة الغربيين على مقاليد هذا النظام و تعميم طريقة حياتهم و قوانينهم كطريقة حياة و قوانين عالمية ، فلأول مرة منذ نهوض هذا النظام قبل خمسة قرون بدأ ينشأ وعي عند أغلبية البشر مفاده أن هذا النظام لم يعد صالحاً لإدارة الحياة البشرية ولا بد من تغييره ، و هذا الوعي ، الذي كان فيما مضى تمتلكه نخبة صغيرة محاصرة لا يسمع لها صوت ، و القاضي بضرورة التغيير الشامل بعيداً عن عمليات التجميل و الترقيع بدأ ينتشر لدى شرائح واسعة من الناس في شمال العالم و جنوبه بعد أن شاهدوا بأم أعينهم موارد التهلكة التي أوردهم إياها النظام القائم ، فقد أباد الضرع ، وأهلك الحرث ، و حوّل كوكب الأرض قاعاً صفصفاً بل مقبرة واسعة ، كما أن كوارثه لم تعد مقتصرة على جنوب العالم بل امتدت لتطال سكان الشمال المترف الذين و حتى قبل انفجار الأزمة الأخيرة كانوا بمنأى عن الأزمات . لكن المسيطرين ليسوا على استعداد للتخلي عن سيطرتهم ، ولا المستضعفين امتلكوا بعد الوعي و القوة الكافيين لإزاحة الطغمة المسيطرة على العالم . و بما أن هذه الطغمة لا تمتلك حلاً للمشاكل الراهنة ، فرغم إصرارها على تشبيه الأزمة الراهنة بأزمة عام 1929 للإيحاء بأنها عابرة و سرعان ما تزول ، فهي أول من يدرك عدم صحة هذه التشبيه ، كما أنها تعلم علم اليقين أن هذه الأزمة ليست أزمة نمو و لا أزمة دورية ، بل هي أزمة اندثار نظام كامل بكل عاداته و تقاليده و أفكاره و طرق استهلاكه و إنتاجه . و بما أنها لا تمتلك الحل فهي تشتري الوقت مجرد شراء و أهم أسلحتها في هذا المجال هو تخريب الوعي و تشتيت الانتباه .
منذ أن أنجز بافلوف تجاربه على المنعكس الشرطي لدى الكلاب و خرج باستنتاجاته المعروفة التي تقول إن المنبه القوي جداً يشتت الانتباه و يحول الكائن الحي إلى عجينة لينة سهلة التشكيل ، و أقوى منبه هو التهديد بالفناء و الخوف من فقدان الحياة ، منذ ذلك الوقت تحولت عمليات غسيل الأدمغة للشعوب و تبديد وعيها إلى عمليات روتينية تقوم بها دوائر إعلامية و استخباراتية و اقتصادية ، فتحول سلاح الخوف إلى سلاح دمار شامل للوعي ، ففي السبعينات لعبت هوليوود دور مركز القيادة فأنتجت أفلاماً كثيرة عن حروب الفضاء ، و عن فناء الكون بأسلحة غريبة ، وعن نمل و نحل و طيور قاتلة تدمر الحياة البشرية ، و كان من السهل دمجها في المخيلة بالعدو السوفيتي الذي كانت وسائل الإعلام الغربية لا تتوقف عن التحذير من خطره و استهدافه لنمط الحياة الغربي في حين أن الإتحاد السوفيتي و طوال حياته كان مستهدفاً من قبل الغرب و لم يخرج عن وضعيته الدفاعية أبداً. و بعد نهاية الحرب الباردة انزاح مركز إنتاج الرعب إلى مختبرات الصحة و حل الأطباء و العلماء مكان مخرجي و ممثلي هوليوود في نشر الرعب ، و بدل العدو الواضح المعالم سواء كان نملاً أم نحلاً أم طيراً أم سلاحاً نووياً أم مخلوقاً فضائياً ( واضح المعالم مثل الاتحاد السوفيتي ) حلت كائنات هلامية من جراثيم و فيروسات لا لون لها و لا طعم لها تحقق معادلة أنها موجودة في كل مكان و غير موجودة في الوقت عينه ، و أنه لا خطر منها لكنها في لحظة قد تبيد الحياة البشرية ، وأن كل فرد مستهدف في بيته و في عمله و في مكان نومه ، كما أن هذا القاتل الجرثومي أو الفيروسي لا يمكن تحديد ماهيته بدقة ، و كل الصفات السابقة تنطبق على مواصفات العدو الأسطوري الذي يشن الغرب الحرب عليه و نعني الإرهاب .
في هذا السياق يمكن فهم تفجير ما يسمى بأزمة انفلونزا الخنازير التي هي تكرار حرفي لأزمة مفتعلة سابقة قبل سنوات هي أزمة انفلونزا الطيور ، التي انفجرت مع بلوغ الاحتلال الأمريكي للعراق مأزقه القاتل و انشداد أنظار الناس إلى ما يجري في العراق فتم تفجير تلك القنبلة الدخانية المسماة انفلونزا الطيور التي صارت معروفة المسار ، و ستتبع أزمة ما يسمى بانفلونزا الخنازير مساراً مماثلاً ، فسرعان ما تلقفت منظمة الصحة العالمية الخبر و بثت تحذيراً عاجلاً ، و ظهر على الشاشات أشخاص تبدو عليهم الجدية و يسمون أنفسهم علماء ليعلنوا نبوءات قيامية ، فإن غيّر فيروس انفلونزا الطيور ، أو الخنازير من إحدى جيناته ، أو اندمج مع نوع آخر فقد يبيد ملايين البشر ، و بدأ الضخ الإعلامي ، فتصدر خبر الوباء الخطير نشرات الأخبار ، و أُعدت فقرات مصورة من كل أنحاء العالم تظهر إعدام الطيور بيد رجال يرتدون ملابس غريبة أشبه برجال الفضاء أو سكان الكواكب الأخرى كما صورتهم هوليوود في السبعينيات ، كما اتُخذت اجراءات دقيقة على الحدود و في المطارات ، و كأنهم يبحثون عن ارهابيين ،فكل من شُك بإصابته ألقي القبض عليه و أودع الحجر الصحي ، ثانية كما هي قوانين مكافحة الارهاب حيث يلقى القبض على الشبهة ، و يمكن لأي منكم أن يقارن في ذهنه الإجراءات المطبقة لمكافحة انفلونزا الخنازير أو الطيور مع تلك المتبعة لمكافحة الإرهاب و ستجدون تطابقاً مذهلا ، فالبحث عن الفيروس مثل البحث عن الإرهابي يشبه البحث عن إبرة في كومة قش ، و إلقاء القبض على الشبهة ، أو لأن الشخص قدم من مكان محدد ، و اعتبار كل شخص مدان حتى تثبت براءته ، و التركيز على المنافذ الحدودية ، و كأن الفيروس أو الجرثوم ارهابياً يحمل جواز سفر و يتسلل عبر نقاط الحدود الرسمية فقط !
و في العالم الثالث يبرز دور كل من الأكاديمي و المثقف التابعين المغروسين في جامعات و صحف و تلفزيونات العالم الثالث ، وهم فئة لا عمل لها سوى تلقف ما ينتجه المركز الغربي من أخبار و تكرراه ببغائية عجيبة ، و إن اجتهدت فنحو مزيد من المبالغة . حتى أن التلفزيون السوري و أثناء أزمة انفلونزا الطيور نصح ربات البيوت بارتداء كمامة أثناء طبخ الفروج مع عرض صور توضيحية، و كأن ربة المنزل تقوم بتفاعل كيميائي خطير. و في المحصلة النهائية ، و هي النتيجة المرغوبة من قبل القائمين على الحملة ، انتشر رعب غامض لا يُدرك كنهه بمواصفات ما ورائية ، رعب عصي على الإدراك ، عصي على التوقي و كأنه القضاء و القدر ، فلو أنك تخاف من حيوان مفترس و تعرف أنه موجود في مكان محدد فإنك تحجم عن الذهاب إلى ذلك المكان و ترتاح ، لكن ماذا بإمكانك أن تفعل تجاه موت قد يأتيك على جناح طائر أو مع نسمة هواء أو من شخص حولك......الخ . موت لا سبيل لتوقيه لذلك يصير الفرد في حالة أشبه بالهستيريا فيفقد القدرة على التفكير المنطقي ، و المحاكمة السليمة ، ويرتد إلى ذاته منطوياً عليها ، أو ينزوي في ركن منتظراً قدراً لا مفر منه . تماماً كما هو الخوف من الارهاب .
لكنك إذا استطعت المحافظة على عقلك وسط هذه الهستريا الجماعية التي تلعب فيها الحكومات دور ضابط الإيقاع . أو على الأقل بقيت ممن يعتقدون أن 1+ 1 = 2 كما كان يردد بطل رواية جورج أوريل 1984 ، الذي لو شاهد المجتمع الأوريلي المعاصر مرفوعاً إلى أس مليون لأكد أنه لم يتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الحد.
إن كنت ممن حافظوا على هذه البديهة البسيطة و راجعت سجل ما يسمى بوباء انفلونزا الطيور لوجدت أن دول العالم أنفقت مليارات الدولارات على اجراءات الأمن ، و على شراء لقاح تاميفلو الذي تبين أن وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد عضو في مجلس إدارة المختبر الذي طوره في كاليفورنيا و هو من كبار المساهمين ! كما أن صناعة تربية الدواجن في شرق آسيا قد انهارت تماماً مع العلم أنه لم تظهر إصابة واحدة في الولايات المتحدة الأمريكية و بقيت قطعانها سليمة .
أما فيما يخص الوفيات بهذا المرض فهي لم تتعد بضع عشرات ، و كلهم ذوي أمراض مُدنفة فإما مصابون بالسرطانات ، أو بالإيدز ، أو بأمراض قلبية وعائية ، و لمجرد المقارنة فإن الانفلونزا العادية تقتل مليون إنسان كل عام .
إن آلة نشر الرعب و غسيل الدماغ باتت بحاجة إلى مادة جديدة بعد أن استنزف ما يسمى بوباء انفلونزا الطيور أهدافه ، فلم تعد تجدي نفعاً محاولات النفخ الإعلامي برماد ناره التي انطفأت عبر تسريب خبر وفاة في مصر و أخرى في اندونيسيا ، فكان لا بد من اختراع قيامة وهمية جديدة فبدأ الحديث اليوم عن انفلونزا الخنازير ، و كالعادة سارعت منظمة الصحة العالمية المتواطئة مع الاحتكارات الدوائية و الصناعية لاطلاق تحذير بشأنها ، و انطلقت جوقة اعلامية استهلها الرئيس المكسيكي بإعلان حالة الطواريء ، و شاهدنا الجيش بأسلحته في الشوارع ، و هذا سبب جديد لاعلان الأحكام العرفية يضاف لقائمة الأسباب السابقة المعروفة و لا ندري إن كانت جماعات حقوق الإنسان ستحتج على هذا السبب المبتكر لاعلان حالة الطواريء !مع التذكير أن غوردن براون رئيس الوزراء البريطاني كان قد نادى أثناء انتشار وباء الكوليرا في زيمبابوي بضرورة التدخل الغربي العسكري لوقف هذا الأمر ( استعمار صحي ) ! و تلقفت محطات التلفزة الأمر و خرج وزير الصحة البريطاني ليطمئن الناس فإذ به يقول لهم إن بريطانيا لديها ما قيمته نصف مليار استرليني من التامفلو ، و كأنه يقول لهم امرضوا و الباقي علينا ، أما وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية فقد طمأنت الناس بأن إعلان حالة الطواريء بسبب انفلونزا الخنازير شبيه بما حدث أثناء تنصيب الرئيس ، و كأن الإجراءات الأمنية التي اتُخذت أثناء تنصيب أوباما إجراءات إعداد لزفاف !
و خلال الأيام القادة ستسري قصص أنفلونزا الخنازير في وسائل الإعلام كما تسري النار في الهشيم ، و لن يتأخر مثقفو التبعية من أكاديمي جامعات العالم الثالث عن صب الزيت على النار ، كما قلنا ، إذ سيستعرضون ما تلقنوه من علوم في الغرب ، أو ما ترجموه بسرعة ، و ستبدأ حكومات الأطراف التابعة هي الأخرى بالتصرف كالببغاوات عبر اتباع إجراءات للوقاية من هذا الوباء الزاحف الذي يهدد بافناء البشرية عن بكرة أبيها !
و بعد حين سيصاب الجميع بالخيبة ، فالوباء لم يحدث و البرابرة لم يأتوا ، و قد نجت البشرية ، و سيتنفس الفقراء الصعداء فما أهمية الجوع و الفقر و فقدان العمل مقارنة بالموت والفناء . لقد نجونا و بقينا على قيد الحياة و هذا يكفي . و ستختفي أخبار الأزمة المالية عن الشاشات إلى حين ، و سيتوقف البشر عن الاحتجاج فما أهمية فقدان العمل و البيت مقارنة بفقدان الحياة ، كما قلنا . و سيبيع رامسفيلد و شركاه بمليارات الدولارات دواءً لا نفع له يسمى التامفلو . و بعد حين ستنطفأ نار انفلونزا الخنازير كما انطفأت نار جنون البقر ، و الحمى القلاعية ، و الجمرة الخبيثة ، و نار السارز و انفلونزا الطيور ، و من جديد ستبحث الاحتكارات عن مادة جديدة لإضرام نار الخوف القيامي ثانية و ثالثة ورابعة لأنه في عصر أزمة النظام العالمي المفتوحة على اللانهاية ، و حين تتكدس البضائع و تفلس المصانع و الشركات تبقى تجارة وحيدة رابحة هي تجارة الخوف. و حتى يستطيع البشر في كل أنحاء المعمورة كنس هذه الطغمة الحاكمة إلى مزبلة التاريخ يجب أن نستعد لأوبئة و قيامات وهمية كثيرة هذا إن لم يفعلوها بقيامة نووية حقيقية هذه المرة .كنعانأوردت جريدة "قاسيون" في عددها رقم 371 الصادر بتاريخ 5/9/2008 مادة مترجمةً عن الصحافة الغربية تحت عنوان "مشروع البنتاغون «للفيروسات المعدلة».. مقدمات خطيرة في سياق حرب بيولوجية.."
ويرى موقع "قاسيون" في إعادة نشرها الآن فائدةً للاطلاع على بعض التفاصيل المدعمة للمادة المنشورة أعلاه... وفيما يلي مقدمة المادة المذكورة:
توجد براهين مقلقة جمعتها مصادر علمية جادة مفادها أنّ حكومة الولايات المتحدة قد جعلت من أنفلونزا الطيور «سلاحاً»، وإذا كانت التحقيقات صحيحة، فربما يطلق ذلك وباءً جديداً في أرجاء الكوكب، وهو وباءٌ قد يكون أسوأ من الأنفلونزا الإسبانية للعام 1918 التي فتكت بثلاثين مليون شخص في العالم قبل أن تختفي. إنّ تجارب البنتاغون والمعهد القومي للصحة في الولايات المتحدة التي أجريت باستخدام البقايا المجمدة لفيروس 1918 هي جنونٌ علميٌ محض. فهل توشك الولايات المتحدة على إطلاق وباء نوعيّ عنصريّ جديد في إطار سيرورة تمنيع إكراهي بلقاح مزعوم «ضدّ» أنفلونزا الطيور؟
عن أخبار الساعة-قاسيون